حسم الأزهر الشريف الجدل حول الدعوات التي انطلقت في مصر مطالبة بعمل مليونيات لخلع الحجاب، وأكد أن الحجاب من الأمور الشرعية التي لا تقبل الاجتهاد لحسمها بالنصوص القطعية ثبوتاً ودلالة، مضيفا أن المطالبة بخلع الحجاب والتظاهر من دونه تدخل سافر واعتداء صارخ على حرية وكرامة المسلمة .
وقال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر في تصريحات خاصة لـ” العربية.نت” إنه لا يحق لأي أحد أن يطوع الدين لهواه أو أن يغير أحكامه التي لا تعجبه ويدعي أن ما اخترعه من أحكام ما أنزل الله بها من سلطان هي الأحكام التي لا ينبغي القول بغيرها، موضحا أنه للأسف الشديد حدث هذا في زماننا بالفعل، فلم يكتف أحدهم بإطلاق دعوة لخلع الحجاب والتظاهر من دونه للتخلص من قهر الآباء وغيرهم من الأولياء، الذين يفرضون عليهن الحجاب فرضا، وإنما نصب من نفسه فقيها يصحح للفقهاء خطأ اعتقادهم وخلطهم بين الحجاب الذي هو مجرد عادة اجتماعية عنده وبين فرائض الإسلام.
وأكد وكيل الأزهر أن مسألة الحجاب من بديهيات ومسلمات الأمور الشرعية التي لا تحتاج ولا تقبل الاجتهاد لحسمها بالنصوص القطعية ثبوتا ودلالة، وخلاصة الأمر فيها أن الحجاب فرض على كل من بلغت سن التكليف، لقوله تعالى: “وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيبوهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن” صدق الله العظيم، فحكمه من الأحكام القطعية التي تشكل هوية الإسلام وثوابته التي لا تتغير عبر العصور، وعليه فإذا التزمت المسلمة بفرائض دينها ومنها الحجاب فإن مطالبتها بتركه والتظاهر من دونه يعد تدخلا سافرا واعتداء صارخا على حرية وكرامة المسلمة، فضلا عن إثم صاحبه، فكما لا يجوز لإنسان أن يطلب من المرأة ترك الصلاة أو الصيام أو الحج، فإنه كذلك لا يجوز له مطالبتها بترك الحق الذي ارتضته وآمنت به من تلقاء نفسها.
وأكد وكيل الأزهر أن المتابع لتلك الدعوات يدرك جيدا أن هناك فكرا قديما جديدا يحاول الهجوم على الأحكام الشرعية تحت دعاوى ما أنزل الله بها من سلطان تتستر في ظاهرها بالحرية، مشددا على ضرورة مواجهة تلك الدعوات وتفنيدها، وبيان حكم الشرع فيها لوأدها حفاظا على هوية المجتمع وقيمه.
وأشار د. عباس شومان إلى أن الإسلام حقق توازنا لم ولن تصل إليه كافة التشريعات والمواثيق الإنسانية الحديثة، فيما يتعلق بحقوق المرأة بصفة عامة وقد حظيت قضية تفعيل دور المرأة في المجتمع باهتمام بالغ في الشريعة الإسلامية، والجميع الآن يدرك أن التشريعات الإسلامية الخاصة بالمرأة أصبحت ضرورة استراتيجية تمليها وتقتضيها متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن، ولا يمكن أن يتأتى ذلك في ظل وجود مثل هذه الدعوات والأفكار التي تحاول أن تعود بنا إلى الوراء.
الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر أكدت لـ “العربية.نت” أن الحجاب فريضة إسلامية متى بلغت المرأة سن المحيض، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة أسماء بنت أبي بكر يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض فلا يصح أن يرى منها غير هذا وذاك وأشار إلى الوجه والكفين.
وقالت إن المتطرفين في أقصى اليمين يحاولون فرض التزمت والتشدد على المرأة واختزالها في زوايا معينة وهي المتعة والإنجاب فيما يأتي الآن المتطرفون في أقصي اليسار ويطالبونها بالتحرر مما أمرها الله به مطالبة الجميع بعدم فرض وصايتهم على المرأة وتركها تمارس حقها في الاختيار والعبادة، لأنه في النهاية سيحاسب الجميع أمام الله على ما اقترفته يداه في الدنيا .
وكانت مصر قد شهدت جدلا طوال الأيام الماضية بعد انطلاق دعوة لكاتب صحافي دعا فيها لمليونية في الأول من مايو لخلع الحجاب وطالب فيها النساء والفتيات بالنزول لميدان التحرير للمطالبة بحقهن في ذلك.