يعتبر الأميركيون أن الوضع في لبنان مقلق جداً، لكنه ما زال بعيداً عن السقوط في الحرب الأهلية.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ”العربية.نت”: “إن دور حزب الله في سوريا تحوّل لافت وتصعيد خطير في الشرق الأوسط، خصوصاً بما يحمله من مضمون طائفي”، ويشير المسؤول الأميركي في حديثه لـ”العربية.نت” إلى “أن كلام زعيم حزب الله حسن نصرالله عن التكفيريين يُعتبر خطيراً في البعد الطائفي”.
ويرى الأميركيون أن هذا التحوّل في موقف حزب الله يتسبب بقلق خاص، لأنه منذ اندلاع الثورة في سوريا مرّ لبنان بلحظات عديدة، وكان من الممكن أن ينفجر الوضع لكنه لم ينفجر ويبدو المسؤولون الأميركيون في حال استغراب من مرور سنتين من الأحداث في سوريا، من دون أن تكون لها انعكاسات ضخمة على لبنان.
الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، ورئيس الحكومة المستقيل نجيب الميقاتي مع زعماء آخرين مثل وليد جنبلاط ونبيه برّي، تمكّنوا خلال الأشهر الماضية من احتواء اضطرابات متنقّلة واحتكاكات بين مؤيّدي النظام السوري ومؤيّدي الثوار السوريين، والوضع الآن مختلف.
حزب الله وعجز الدولة
وبعد إعلان حزب الله أنه متدخّل في الشأن السوري، ويدعم النظام ثم يلقي بثقله علناً في معركة القصير فإن خريطة المواقف تغيّرت وانعكاساتها أكبر.
ربما تكون المشكلة أيضاً أن الدولة اللبنانية في وضع لا يسمح لها بمعالجة هذا التحوّل في دور حزب الله والانعكاسات التي يجرّها على لبنان. فلبنان تديره حكومة تصريف أعمال وحزب الله جزء أساسي فيها ورئيس الوزراء المكلّف تمّام سلام لم يتمكّن من تشكيل حكومة جديدة.
فاشتباكات مدينة طرابلس تتصاعد في خطورتها وهناك مؤشرات على مشاركة لاجئين سوريين في المعارك ضد المسلحين العلويين المتحصنين في منطقة جبل محسن، كما أن الأميركيين يخشون بشكل خاص من أن تنتشر الاحتكاكات بين جماعات حزب الله وتيار المستقبل إلى نقطة يكون من الصعب على الجيش اللبناني أن يسرع لاحتوائها فتتحول إلى مواجهات محلية في أكثر من نقطة تستمر لأيام وتتسبب بسقوط قتلى وجرحى.
المعركة الجديدة في لبنان ترتسم، بحسب الأميركيين، بين تيار عريض من اللبنانيين خصوصاً السنّة منهم، ويعتبر أن نظام الأسد نظام ظالم لشعبه وللبنانيين وهو مشبوه باغتيال زعامات لبنانية، منها رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وتيار آخر يمثّله حزب الله، ويعتبر أن بقاء نظام الأسد حيوي بالنسبة له.
ضرورة “النأي بالنفس” واستحالته
لا تقبل الولايات المتحدة المقارنة بين بعض الدعم الذي قدّمه لبنانيون للثوار السوريين خصوصاً أنه قليل وغير مرجّح للمعركة بين النظام السوري والثوار، وبين ما يقدمه حزب الله للنظام.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ”العربية.نت”: “إن الإدارة الأميركية تدعم سياسة النأي بالنفس، ولا تريد أن يتخذ أي طرف لبناني أي خطوة تهدد سيادة لبنان، وتدعو الإدارة كل الأطراف اللبنانية لتحاشي أي عمل يدفع لبنان للانزلاق في الأزمة السورية”.
من الواضح أن الوضع في لبنان مرشح ليكون أسوأ، وقال ناشط لبناني في العاصمة الأميركية إن أسوأ ما في السيناريو المقبل هو أن تتحوّل الثورة السورية إلى صراع بين السنّة والشيعة في لبنان، ولن تتمكّن أي منطقة على المدى البعيد من أن تحمي ذاتها من هذا الصراع.
والخلاف الأساسي بين الأميركيين واللبنانيين في تقديرهم للوضع يتعلّق بأن الأميركيين يرون أن من الممكن الاستمرار في سياسة الابتعاد عن الأزمة السورية، فيما يقول اللبنانيون إنها سياسة مرحلية ولا يمكن تستمر وتنجح في الأشهر المقبلة.