(رويترز) – لم يتبق في اليمن سوى بضع عائلات تشعر بالقلق من الطائفة اليهودية القديمة غير أن أفرادها قد يفرون من البلاد قريبا بعد أن سيطر الحوثيون الشيعة على السلطة في البلاد.
وكانت مضايقات حركة الحوثيين التي يقول شعارها “الموت لامريكا الموت لاسرائيل اللعنة على اليهود النصر للاسلام” قد دفعت غالبية اليهود في السنوات الأخيرة للرحيل عن المناطق الجبلية في شمال اليمن التي ظلوا يعيشون فيها منذ مئات السنين مع المسلمين الشيعة.
غير أن الخلافات السياسية التي لم يكن لليهود فيها أي دور تصاعدت في سبتمبر ايلول الماضي لتبلغ ذروتها بدخول مقاتلي الحوثيين العاصمة صنعاء التي اعتبرتها الطائفة اليهودية الملاذ الأخير لها وأصبحت تفكر في الخروج نهائيا من البلاد.
وقال أعضاء في الطائفة اليهودية لرويترز إن نحو ستة أفراد من يهود اليمن ينتمون لعائلة واحدة وصلوا إلى اسرائيل يوم الجمعة.
وقال يحيى يوسف كبير الحاخامين في شقته بمجمع مسور يقع بجوار وزارة الدفاع “منذ سبتمبر الماضي أصبحت حركتنا محدودة جدا خوفا من الوضع الأمني كما أن بعض أعضاء الطائفة فضلوا مغادرة اليمن.”
وإلى جانب اللغة العربية يتحدث الحاخام يحيى اللغة العبرية ويقدر التقاليد والعادات المحلية ويخشى الحياة بعيدا عن أرض الوطن.
وبينما كان والده المريض يرقد في الشمس خارج المنزل قال يحيى “لا نريد أن نرحل. لو أننا أردنا ذلك لفعلناه منذ وقت طويل.”
وانخفض عدد اليهود الذين رحلوا من محافظة صعدة معقل الحوثيين عام 2009 إلى المجمع الذي تحرسه القوات الحكومية من 76 شخصا إلى 45 شخصا. وتعيش مجموعة أخرى من 26 فردا في احدى المدن إلى الشمال من العاصمة صنعاء.
وقبل بضعة أعوام كان عدد اليهود يتراوح بين 200 و300 فرد مقارنة مع عدد السكان البالغ 19 مليون نسمة.
وحتى عام 1949 كان عدد أفراد الطائفة اليهودية يتجاوز 40 ألفا. ونظمت اسرائيل نقل أعضاء الطائفة إليها. ويقول من بقوا في اليمن إنهم عاشوا في سلام مع جيرانهم المسلمين.
وامتنع متحدثون باسم الحكومة الاسرائيلية عن التعليق على هذه المسألة خشية تعريض حياة اليهود الباقين في اليمن للخطر بالربط بينهم وبين اسرائيل.
ويسود الشعور بالملل والعزلة في بيوت اليهود في حيهم الواقع في جيب راق يطلق عليه اسم “المدينة السياحية” قرب السفارة الأمريكية التي تم إجلاء الدبلوماسيين العاملين فيها.
ولابتعادهم عن ورش النجارة والحدادة التي اشتهروا بالعمل فيها على مر القرون أصبح أفراد الطائفة يعيشون الان على مساعدات صغيرة من الحكومة ويقولون إنها تكفي بالكاد لتغطية مصروفات المعيشة.
وأصبح الشبان الذين يغامرون بالخروج إلى السوق يخفون خصلات شعرهم المتدلية التي تميزهم عن غيرهم من الطوائف تحت غطاء الرأس خوفا من أن يبطش بهم أحد. أما الصبية فلا يهتم أي منهم الان بإطالة شعرهم.
وحضر مراسل لرويترز زيارة قام بها مسؤول حوثي يتولى المسؤولية عن المنطقة للحاخام يحيى يوم الخميس لطمأنته.
وقال المسؤول الذي يستخدم اسما حركيا هو أبو الفضل “اليهود آمنون ولن يلحق بهم أي أذى… مشكلة الحوثيين ليست مع يهود اليمن بل مع اسرائيل التي تحتل فلسطين.”
لكن ذكريات عن التهديدات بالقتل وقيام مقاتلي الحوثيين بحرق بيوت لليهود خلال حربهم التي استمرت نحو عشر سنوات مع حكومة صنعاء لن تنسى قريبا.