العربية.نت- تظهر هذه الصورة، في مفارقة عجيبة، البرلماني التونسي محمد البراهمي، الذي اغتيل على يد مجهولين، وهو يقرأ الفاتحة على روح البرلماني التونسي شكري بلعيد، الذي اغتيل قبل أشهر على يد مجهولين أيضاً.
لم يكن البراهمي يعلم وهو يقف هذه الوقفة أنه سيكون التالي على قائمة الاغتيالات السياسية في تونس، التي لم تستقر حتى الآن بعد ثورتها ضد حكم الرئيس بن علي.
وجاء اغتيال البراهمي وبلعيد، وهما من الوجوه السياسية الناشطة والمعارضة للحكومة، ليشكل منعطفاً خطراً على العملية السياسية التي تشهدها تونس في ظل حكومة النهضة الإسلامية التي تشهد معارضة شعبية واسعة تطالب بإسقاطها، ممثلة بحركة “تمرد” التونسية.
المفارقة الأخرى التي لا تقل غرابة عن الأولى أن الاغتيال الثاني جاء بعد أقل من أربع وعشرين ساعة عن إعلان الحكومة التونسية الكشف خلال أيام عن قتلة البرلماني شكري بلعيد، في تزامن قرأه مراقبون أنه مثير للشكوك، وأن مسلسل الدم السياسي مستمر في تونس.
محمد البراهمي.. معارض رغم قربه من الرئيس
محمد البراهمي (1955- 2013)، سياسي تونسي، ولد في أحد أرياف محافظة سيدي بوزيد، مهد الربيع العربي، وزاول تعليمه الإعدادي في قفصة، ثم الثانوي في بنزرت، ودرس المحاسبة وتخرج بإجازة في تخصصها عام 1982.
عمل مدرساً في تونس، ثم في هيئة حكومية محلية إلى أن غادر إلى المملكة العربية السعودية، ليعمل فيها سنتين.
برز في الجامعة التونسية بنشاطه ضمن فصيل “الطلاب العرب التقدميون الوحدويون” ذي النفس الناصري، وأسس سنة 2005 حركة الوحدويين الناصريين، التي كانت ممنوعة خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، مما جعله يعتقل مرتين.
شارك بفاعلية في الاحتجاجات التي شهدتها سيدي بوزيد، والتي أدت لاحقاً إلى إطاحة بن علي، ليؤسس بعد الثورة التونسية برفقة رفيقه السابق أحمد الصديق، حركة الشعب، قبل أن يستقيل منها ويؤسس حركة جديدة هي “التيار الشعبي”.
انضم بفصيله الجديد للجبهة الشعبية المعارضة، التي أسسها شكرى بلعيد، المعارض المغتال ورفيقه أحمد الصديق، وزعيم حزب العمال “حمة الهمامي”.
وكان من أشد منتقدي الائتلاف الحاكم، رغم قربه فكرياً من الرئيس منصف المرزوقي، لكنه كان يصر على ضرورة أن تنتهي الشرعية الحالية باستقالة الحكومة وإجراء انتخابات جديدة، إلى أن تم اغتياله اليوم 25 يوليو/تموز في ذكرى عيد الجمهورية في تونس.
شكري بلعيد.. يساري يدافع عن السلفيين
شكري بلعيد (1964 – 2013)، سياسي ومحامٍ تونسي، ولد في جبل الجلود بولاية تونس، درس الحقوق في العراق، وأكمل تعليمه في جامعة باريس، وكان معارضاً لنظام الحبيب بورقيبة الذي قام بسجنه لفترة، ولنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.
هو عضو سابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، والإصلاح السياسي، والانتقال الديمقراطي، والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وأحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية، وعضو مجلس الأمناء فيها.
كان بلعيد من أشد المنتقدين لأداء الحكومة الائتلافية في تونس، وهو يتبع التيار الماركسي، ودافع بلعيد عن المحكومين في أحداث الحوض المنجمي في 2008 إبان عهد بن علي، ودافع كذلك عن مساجين تابعين للسلفية الجهادية، كما كان الناطق الرسمي والمنسق العام لحركة “الوطنيون الديمقراطيون”.
ترشح في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي على رأس قائمة مشتركة مع حزب الطليعة العربي الديمقراطي تحت اسم “ائتلاف الكرامة”، إلا أنه تحصل فقط على 0.63% من الأصوات.
اغتيل بلعيد في فبراير/شباط 2013 أمام منزله من قبل مجهولين، الأمر الذي اتبعه مظاهرات عارمة بالبلاد، وإعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن الدخول في إضراب عام.