مع استمرار القصف الجوي بالبراميل والحاويات المتفجرة والصواريخ العنقودية وغيرها بشكل يومي منذ عامين حتى اليوم من قبل قوات النظام على المدنيين في القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة الثوار في سوريا، لجأ السوريون إلى ابتكار طرق شتى في حماية أنفسهم من ذلك القصف علّها تقيهم شيئاً من عشرات البراميل التي تنهال عليهم بشكل يومي.
وآخر تلك الابتكارات هو ما يسمى “بالبوق”، الذي يشبه لحدّ كبير صفارات الإنذار ولكنه مصنوع بطريقة أبسط ويقوم بدوره في إنذار المدنيين من الطلعات الجوية التي تستهدف المناطق المسيطر عليها من قبل الثوار بريف حماة الجنوبي وريف حمص، بحسب ما قال حسن العمري أحد ناشطي ريف حماة.
ويضيف العمري في حديثه لـ”العربية نت”، بأن البوق جاء بعد حاجة ماسة في ظل منع المجتمع الدولي لإرسال سلاح المضادات الأرضية للثوار لصدّ طيران النظام وبراميله، وخاصة بأن طيران النظام يطير على ارتفاعات شاهقة ولا تطالها أسلحة الثوار التقليدية، وجاءت فكرة البوق من أهالي ريف حماة الجنوبي وريف حمص الشمالي بالتنسيق مع المراصد العسكرية التي تقوم باختراق ترددات أجهزة النظام اللاسلكية لمعرفة إقلاع الطيران ومكان توجهه، فيقوم الراصد بإرسال إيعاز للعاملين على البوق بإطلاق صفارات الإنذار من أجل اختباء الأهالي في الملاجئ البسيطة والحفر التي حفروها لحماية أنفسهم من الغارات الجوية.
ويتحدث المرصد العسكري أبو سليم -أحد الراصدين لطيران النظام بريف حمص وهو أحد المبتكرين لفكرة البوق- بأن هذه الخطوة في اختراع جهاز البوق كانت في المرحلة الأولى والأهم لحماية المدنيين وإنذارهم للاختباء والحماية من قصف النظام، وخاصة مع إضافة ميزة الصوت المرتفع للبوق من أجل إيعاز أكبر قدر ممكن من القرى والبلدات في كل ريف حماة الجنوبي وريف حمص الشمالي من طائرات النظام.
ويفيد بأن البوق هو عبارة عن معدات ومواد بسيطة جداً، فهو مؤلف من خزّان فارغ تتم تعبئته بالهواء ووصله ببوق يكون على مرتفع عالٍ في القرية من أجل إيصال صوت البوق إلى أكبر مسافة ممكنة.
ويضيف قائلاً “بعد الانتهاء من تجهيز وتجريب هذا البوق أبلغنا المدنيين بما يتوجب عليهم فعله وتم تخصيص النغمة المتواصلة ليكون كإنذار عن مروحية تقترب من الأجواء ونيتها في تنفيذ غارات بعد تنصتنا على أجهزة النظام، ليتم على الفور تحرك المدنيين لأقرب مكان للاختباء والتحصن حتى انتهاء الغارة والتخفيف من الضرر الواقع جراء القصف العشوائي الذي لا يفرق بين كبير وصغير أو مدني وعسكري، كما تم تخصيص نغمة متقطعة للتنبيه عن أحد حواجز النظام سوف يقوم بالقصف عن طريق الدبابات أو المدفعيات الثقيلة ليتم إفراغ الشوارع بالكامل من المدنيين أيضاً”.
ويتحدث حسن العمري -أحد أهالي قرى ريف حمص الشمالي- بأن لهذا البوق رغم بساطته فائدة كبيرة في التخفيف من الضحايا في صفوف المدنيين والوقاية من البراميل والصواريخ والقذائف، وخصوصاً ضمن وقت لا يتوفر فيه العلاج لهذه الطائرات التي خلفت آلاف الضحايا في ريف حمص وحماة، كما أن الفضل الأكبر يعود للمراصد التي تقوم بدورها في رصد تحركات الطيران على مدار الساعة تحسباً من الطلعات الدائمة التي تشن عليهم بشكل يومي.
ويشير في حديثه إلى ضرورة دعم هذه المشاريع الصغيرة والابتكارات البسيطة لتعميمها في جميع مناطق سوريا المحررة من النظام، لتأمين حياة المدنيين والتخفيف من أضرار القصف قدر المستطاع، كما من الواجب عقب مضي أربعة أعوام من الثورة بدعم الثوار بمضادات للطيران لتخفيف هذه المعاناة التي يعيشها السوريون والأطفال في كل يوم، أو إلى حظر جوي يمنع القصف الجوي على المدنيين وعلى النساء والأطفال.
وتقول أم خالد -أم لعائلة بريف حمص- بأنها باتت مطمئنة بشكل أكبر من قصف النظام بعد ابتكار هذا البوق، فقد كانت فيما سبق تعيش يومها بشكل كامل في الملجأ خوفاً من القصف المفاجئ، أما اليوم وبعد هذا الابتكار فهي تعيش في راحة أكثر إلى حدّ ما، فهناك ما يقوم بتنبيهها من أي قصف أو طارئ لتستطيع حماية أطفالها ونفسها من تلك الغارات والقذائف.