ظهر اليوم بالعاصمة الجزائرية، مدير المخابرات الجديد اللواء عثمان طرطاق ولأول مرَة، بمناسبة مؤتمر لأجهزة الشرطة الإفريقية.
وظل منصب رئيس “دائرة الاستعلام والأمن” (المخابرات العسكرية) محاطا بهالة كبيرة منذ الاستقلال عام 1962، وكان حتى وقت قريب مرادفا للقوة والنفوذ، إلى درجة أن صاحبه وصف بـ”صانع الرؤساء”.
وظهر طرطاق الشهير بـ”عثمان” بجنب مدير الدفاع المدني العقيد مصطفى لهبيري، يتابع أشغال المؤتمر الذي يبحث لمدة يومين محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة في البلدان الإفريقية.
وظلت عدسات كاميرات التلفزيونات المحلية الخاصة، مصوَبة نحوه لمدة طويلة من دون أن ينزعج، وهو شيء غير مألوف في الجزائر إذا ما تمت المقارنة مع الجنرال محمد مدين، مدير المخابرات المعزول في سبتمبر الماضي، على إثر خلاف حاد مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وبدا طرطاق وهو سبعيني، مرتديا بذلة زرقاء بربطة عنق. وكان هادئا يتابع خطب مديري ومفتشي أجهزة الشرطة الأفارقة.
وحكم مدين المدعو “توفيق” جهاز المخابرات بيد من حديد، من سن 1990 إلى 2015. وواجه مطلع تسعينيات القرن الماضي صراعا مريرا مع الجماعات المتطرفة، أفضى إلى مقتل حوالي 150 ألف شخص بين مسلح من جهة الإسلاميين وقوات الأمن، زيادة على الآلاف من المدنيين.
وحرص “توفيق” حرصا شديدا على عدم الظهور خلال فترة 25 سنة قضاها على رأس جهاز المخابرات، وكان في الغالب يظهر في جنائز كبار المسؤولين، غير أن مساعديه كانوا يحذرون الإعلام من نشر صوره. وبذلك صنع لنفسه هالة كبيرة، جعلت منه شبه أسطورة. ولم يتعرف الجزائريون على شكله إلا يوم عزله، حينما بثت فضائية خاصة صورا له من الأرشيف.
وتولى طرطاق قيادة جهاز الأمن الداخلي، وكان الرجل الثاني في المخابرات. وأحاله “توفيق” على التقاعد عام 2013. وفي العام الموالي عيَنه بوتفليقة مديرا للأمن برئاسة الجمهورية، ثم مديرا للمخابرات خلفا لـ”توفيق”.