تركزت الأنظار الدولية والاقليمية في الساعات الأخيرة الماضية على مدينة بطرسبورغ الروسية، حيث تنعقد قمة الدول العشرين بحضور الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن حضور رؤساء دول أوروبية وأسيوية معنية بأزمة الشرق الاوسط التي تتحول شيئاً فشيئاً إلى بركان من المقدر له أن يجتاح المنطقة في حال انفجاره.
واتخذت القمة المذكورة حيزاً كبيراً في هذه المرحلة، على اعتبار أن الكباش بين أميركا وروسيا وصل إلى سقوف مرتفعة ومتفجرة، اذا ما جاز التعبير، بعد سلسلة من المواعيد المؤجلة للقاء القمة بين الرئيسين المذكورين على خلفية الأزمة السورية التي تحولت بفعل التدخلات المباشرة وغير المباشرة من أزمة اقليمية إلى عاصفة دولية وصلت بتداعياتها إلى حد تحريك أساطيل برمتها على طول حوض المتوسط.
وترافقت القمة الفضفاضة مع جملة مواقف تحمل مؤشرات في أكثر اتجاه، أبرزها اللقاءات الجانبية التي حصلت على هامش الجلسة الافتتاحية، فضلاً عن بيانين صادرين الأول عن الخارجية الصينية، وفيه موقف حاسم لجهة التهديد غير المباشر لواشنطن بتحريك الملفات المالية، من خلال التحذير من العواقب الاقتصادية لأي ضربة على سوريا، والثاني عن الخارجية الروسية نفسها وفيه أكثر من اشارة على استمرار روسيا على موقفها من الأحداث العالمية واصرارها على اسقاط الاحادية الأميركية، فضلاً عن رسالة واضحة من خلال الاعلان عن زيارة رسمية لوزير الخارجية السورية وليد المعلم للقاء نظيره سيرغي لافروف للبحث والتنسيق بين الدولتين الحليفتين.
بالتزامن أيضاً، عمدت جبهة “النصرة” إلى اقتحام مدينة معلولا في ريف دمشق بوصفها “عاصمة الصليبيين” بحسب تعبير مقاتليها، وذلك بعد أن حركتهم غرفة العمليات التابعين لها بأمر من الراعي السعودي، بحسب ما كشف دبلوماسي عربي في رسالة للمجموعة الدولية الرافضة لضرب سوريا من جهة، ولتوسيع رقعة التوتر في ريف دمشق ودفع الجيش النظامي إلى توسيع رقعة انتشاره وتوزيع قواته وعناصره، بعد اعادة الانتشار التي نفذها الجيش السوري في دمشق بعد التهديدات الأميركية المباشرة من جهة ثانية.
في السياق، كشفت معلومات عن رسالة واضحة أبلغها بوتين لمن التقاهم تفيد بأن سوريا عازمة على الرد مهما كان نوع الاعتداء عليها وهي سترد بحجم الضربة، أي أن ردة الفعل ستكون بحجم الفعل تماماً، كما أنها لن تتوقف عن ملاحقة العناصر الارهابية الموجودة على الأراضي السورية، وهي بنفس الوقت ستوسع حربها الأمنية، وليس فقط العسكرية لتطاول الدول المشاركة في العدوان في حال حصوله، ولذلك فمن الأجدى للدول الراغبة في ضرب سوريا مراجعة حساباتها، وعدم الاعتماد على نظرية الضربة المحدودة أو التأديبية، بل الأخذ بالحسبان أن أي دعسة ناقصة قد تؤدي إلى حرب، وما الاعلان الايراني عن عدم مشاركة طهران بالحرب مباشرة والاكتفاء بالدعم الا لأن سوريا تملك ما فيه الكفاية من وسائل الدفاع التي قد تفاجىء الغرب. وبالتالي فإن الحكمة تقضي باعادة الملف إلى طاولة الأمم المتحدة ومناقشة الأزمة السورية، وما اتصل بها من اتهامات باستخدام السلاح الكيمائي داخل مجلس الأمن وعدم التفرد بالقرار الاحادي، ومن بعدها البحث في الحلول السياسية عبر مؤتمر دولي يعيد تصويب بوصلة العلاقات الدولية.