تسعى السعودية حاليا إلى وقف تجنيد سعوديين في صفوف التنظيمات المتطرفة والمتشددة المقاتلة، خصوصاً مع عودة “جهاديين” للسعودية من أفغانستان والعراق وسوريا، بعد انضمامهم لتنظيمات مثل القاعدة والدولة والنصرة وغيرها.
ويعتقد أن عدد السعوديين الذين التحقوا في صفوف تلك التنظيمات في مناطق الصراع يتراوح بين 1500 و2500 شخص.
وفيما ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي أن عدد السعوديين المتواجدين في مناطق الصراعات لا يتجاوز 1500 شخص “ممن ثبت تورطهم في الأعمال الإرهابية وأن أغلبيتهم قتلوا”، بحسب ما ذكرت صحيفة المدينة السعودية، تعتقد السلطات أنها على علم بأن 2500 سعودي يقاتلون في الخارج، وتعترف بأن العدد قد يكون أكبر من ذلك.
وتستخدم الحكومة السعودية وسائل الإعلام والمساجد لتوصيل رسالة مفادها أن السعوديين الذين ينضمون للجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة أو “داعش”، سيجدون أنفسهم قد “سقطوا في براثن تجربة بغيضة وعقيمة”.
وسلطت وسائل الإعلام المحلية الضوء على قضية السعودي فهد الزيدي، الذي قال إنه غرر به “للانضمام لحرب ضد سنة” مثله بدلاً من “القتال من أجل نيل حريتهم”.
وقال الزيدي، في تصريحات نشرتها مواقع إخبارية عربية محلية، وتناقلتها وسائل إعلام سعودية، إن “من كانت تسول له نفسه التشكيك في تنظيم الدولة كان يعزل ويمنع من الاتصال بالآخرين”، مضيفاً أنهم كانوا يمضون أياماً وليال يتساءلون “كيف سمحوا لأنفسهم بأن يقعوا فريسة لثلة من الأفاقين”.
وفي المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، اعترفت سيدة سعودية، قبض عليها مع زميلتها، ومعهم 6 أطفال أثناء محاولتهم التسلل إلى اليمن، بأنها نادمة، وتستحق العقاب على ما بدر منها من تأييد تبني فكر تنظيم القاعدة، وقيامهما بتشجيع النشء بمواقع التواصل الاجتماعي، ونقض ما تعهدت به سابقاً، بعدم العودة إلى التحريض أو جمع التبرعات للمتهمين في قضايا تمس الأمن الوطني.
كما أصدرت المحكمة حكماً بالسجن 8 سنوات، والمنع من السفر لمدد مماثلة، لسعودي، دين بالسفر إلى سوريا، ومبايعته لأبو بكر البغدادي، قائد تنظيم داعش في العراق والشام.
واستناداً إلى خبراتها السابقة وإضافة للإعلام، تستعين السعودية أيضاً بمجموعة من الآليات لمكافحة تجنيد مواطنيها للقتال في صفوف التنظيمات المتطرفة والمتشددة.
وأصدرت السعودية مرسوماً ملكياً في فبراير ينص على الحكم بالسجن لفترات طويلة ضد من يقاتل في الخارج أو يساعد آخرين على القيام بذلك، أو أولئك الذين يقدمون مساعدات معنوية أو مادية للجماعات، وبينها تنظيم الدولة وجبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا. وأدين كثيرون بالفعل.
وشجب كبار علماء الدين، بمن فيهم مفتي السعودية وأعضاء هيئة كبار العلماء، مراراً الجماعات المتشددة في خطب وفتاوى.
وتطبق السعودية برنامجاً للقضاء على النزعات المتشددة لدى المنتسبين السابقين العائدين من القتال في صفوف التنظيم المتطرفة، ومقره منشأة أمنية في الرياض، حيث تتم الاستعانة بعلماء دين للتوعية ضد التشدد، إضافة إلى دورات فنية ورياضية بإشراف أطباء نفسيون لمتابعة سلوك السجناء.
ويشجع البرنامج الزيارات الأسرية، وساعد سجناء في الحصول على وظائ،ف كما يزوجهم لمساعدتهم على العودة للاندماج في المجتمع. ويقول مسؤولون إن معدل العودة للجريمة نحو واحد من 10.
وقال اياد العنزي، الذي أمضى أربعة أعوام في القتال مع مسلحين عراقيين قبل أن تتفكك مجموعته بعد معركة مع تنظيم القاعدة “رأيت في الأخبار في التلفزيون أن إخواني المسلمين يحتاجون مساعدة ومن ثم اعتقدت أني يجب أن أذهب وانضم إليهم”، حسب وكالة “رويترز”.
وعندما أبلغ عائلته أنه وصل إلى العراق عام 2005 توسلوا إليه أن يعود، لكنه مكث هناك حتى عام 2009 اقتناعاً منه بانه على صواب.
لكن لا يحدث ذلك الآن، ومن غير الواضح ما إذا كان ذلك يرجع إلى تغير في الموقف العام أم أن السعوديين ببساطة يخشون الإجراءات الأمنية.
غير أن أكثر ما تخشاه السلطات السعودية الآن هو سهولة استخدام المتشددين لليوتيوب وتويتر لحض الشبان على السفر إلى سوريا أو العراق، وتبحث الرياض هذه المشكلة مع حكومات عربية أخرى ومع دول غربية في إطار محاولتها إقناع رعاياها بعدم الانضمام للتنظيمات المتطرفة.