كانت الأحداث في السعودية على مدى الأيام الماضية، بمثابة “مشاهد” سينمائية أو فيلم وثائقي يؤرخ “حقبة” سيطول الحديث فيها، وأما لاحقاً ستُخبّأ “حكايا عام السيول” لجيل لم يلتحق بركب أيامنا هذه.
وفي كل “حوادث” الطبيعة التي مرّرت أعاصيرها وسيولها وعواصفها كان إيقاعها يتصاعد ثم سرعان ما يلبث أن يخمد في لحظة، إلا “سيول” السعودية التي كان إيقاعها متصاعداً، وفي أحيان كثيرة مخيفاً مرعباً، لم يهدأ طوال الأيام الفائتة، في كل لحظة حدث، وفي كل ركن مشهد، وفي كل زاوية حكاية موثقة إلى حين إطلاقها للعامة.
أحداث تراجيدية وأخرى فانتازية، وما بينهما من سوريالية المكان والزمان، بعضها لا نملك أمامها إلا البكاء، وأخرى لا نملك إلا التأمل، نظل مكتوفي الأيدي من هول تلك السيول.
خلال اليومين الفائتين، جرفت السيول معها أناسا كثرا، لم تفرق بين صغير ولا كبير ولا امرأة ولا رجل، وكذا الشجاعة أيضا لم تفرق بينهم، في مشاهد الإنقاذ.
في هذا الفيديو الذي حصلت عليه “العربية.نت” كان يحوي مشاهد متفرقة، أحداث “سيول” ضربت معاقل المناطق في المملكة، وفي المقابل، كان الشباب درعاً يتصدى للهجوم، فطرزوا قصصهم بالبطولات.
الفيديو ليس مشهدا وحيدا لحالة إنقاذ إنما تفاصيل “مشهديات”، في البداية، في عمق السيول، ينتشل الشباب السعودي الواقفون فوق الجسر رجلا بدا من ملابسه وكأنه مقيم، كان في موقف أشبه بمشهد “اللحظات الأخيرة” في أسفل الجسر، غارقا بمواجعه وخوفه، لكن بسالة الشباب السعودي انتشلته من “فم” التيار، فرفعوه لفضاء الأمان.
كلاكيت المشهد الثاني.. شاب في مقتبل الأحلام معلقا في غصن شجرة، وفوقه شقيقه الذي يصغره في البراءة، كلاهما أطبق بين كفيه غصن تلك الشجرة الصامدة مترفقة بصباهما، وشامخة في وجه السيول.
في مشهد آخر من الفيديو، رجل يجرفه التيار، جسده كان بمثابة حطام سفينة أجزاؤها الكبيرة قد غاصت، وما بقي منها إلا قشة تحاول أن تطفو..
يظهر رجل فجأة فلا يأبه لصرخات المتواجدين، يدخل “وحل” المجهول، ويصارع السيول، حتى ينقذ ما بدا يائسا..
كل مشهد كان فيلماً وثائقيا، أو شاهداً على أحداث كان إيقاعها أسرع من ردة فعلنا، فحاولنا أن نلوذ بالفرار، فأخذنا تيار السيول معها.