ساعات بعد وقوع انفجاري عاصمة الشمال طرابلس حتى وجه مؤسس التيار السلفي في لبنان، الشيخ داعي الإسلام الشهال، أصابع الاتهام إلى النظام السوري وأتباعه في لبنان ممن أسماهم مجموعة الوزير السابق ميشال سماحة الموقوف منذ أغسطس/آب من العام 2012 بتهمة التآمر على الدولة والتحضير لتفجيرات وعمليات اغتيال.
وأضاف الشهال أنهم كسلفيين سيبدأون سياسة “الأمن الذاتي” لحماية مدينتهم طرابلس، موجهاً السؤال إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قائلاً: هل فجر التكفيريون أنفسهم في المسجديْن؟ في إشارة إلى رفض الاتهامات التي كان قد ألمح إليها السيد نصر الله في آخر إطلالة إعلامية له ضد المشروع التكفيري في المنطقة، على خلفية تفجير الرويس الذي أودى بحياة العشرات وأصاب آخرين.
كلام الشهال عن فرض أمن ذاتي في طرابلس، رفضه بشدة منسق عام طرابلس في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، واصفاً إياه بأنه كلام خارج عن المنطق، وأنه ليس بإمكان أي قوة مهما كانت منظمة ومسلحة أن تمسك بزمام الأمن، معتبراً أن ذلك سيكون مقدمة لمسألة أخطر وهي إعلان طرابلس “إمارة إسلامية” من قبل التيار السلفي، وهو ما يجب أن تتنبه له القوى الأمنية اللبنانية.
بصمات النظام السوري
وكان علوش قد اتهم بدوره في حديث لـ”العربية.نت” أتباع النظام السوري أمثال ميشال سماحة في زرع الفتنة في لبنان، بعد أن شعر الرئيس السوري بشار الأسد بهزيمته، فإذا به وفق علوش، يتخبط يميناً ويساراً، والدليل على ذلك ما ارتكبته قواته في الغوطة قبل يومين حين قصفتها بصواريخ تحمل رؤوساً كيماوية.
هذا الموقف أيده أيضاً ممثل تيار المستقبل في الشمال، النائب محمد كبارة، الذي اعتبر أن من قام بتفجير الرويس في الضاحية الجنوبية، ومن قام بتفجيري طرابلس هو نفسه من قصف الأطفال بالكيماوي، وهو نفسه من يحاول جر لبنان إلى الفتنة المذهبية، داعياً اللبنانيين إلى الحذر، لأن البلاد تمر بمرحلة خطيرة.
وبالعودة إلى النائب السابق، مصطفى علوش، فإنه رفض توجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله في تفجيري طرابلس، معتبراً أن لا مصلحة لحزب الله في عمل مماثل لا سيما أنهم منهمكون بأمنهم الذاتي الذي تم خرقه من خلال تفجيري بئر العبد والرويس.
واستغرب علوش كيف لم تتخذ القوى الأمنية التدابير اللازمة أمام المسجدين، حيث وقع الانفجاران اليوم مع علمها المسبق بأن هناك مشروع فتنة مذهبية متنقلاً، وهو حتماً سيستهدف أماكن دينية، لا سيما أثناء صلاة الجمعة.
فتنة مذهبية
وكان قائد الجيش اللبناني، جان قهوجي، قد حذر قبل يومين من أن خلية إرهابية تسعى لبث الفتنة المذهبية تعمل على تفخيخ السيارات وإرسالها إلى مناطق لبنانية ذات تركيبات طائفية مختلفة.
أما عن ضرورة إنشاء حكومة في لبنان بأسرع وقت ممكن لتدارك الأوضاع الأمنية والسياسية المتدهورة، وهو الأمر الذي تعرقله جميع التيارات السياسية في لبنان لأسبابها الخاصة، قال علوش لـ”العربية.نت” إن الحل لم ولن يكون في حكومة وحدة وطنية (تيار المستقبل يرفض المشاركة في حكومة فيها ممثلون عن حزب الله)، لأنه وفق الوضع السابق، أي على مدى ثماني سنوات مضت، كانت هناك حكومات وحدة وطنية تخللتها عمليات اغتيال ومتفجرات متنقلة، معتبراً أن الحل الوحيد يكمن في الخروج من المأزق السوري أولا،ً ووضع السلاح في يد الدولة اللبنانية ثانياً.
حكومة وطنية
لكن وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال، فيصل كرامي، أكد أن الحل لا يكمن سوى في حكومة وحدة وطنية مكونة من جميع التيارات السياسية البارزة في البلاد، معتبراً في حديث مع “العربية.نت” أن ما حصل في طرابلس هو مجزرة لا تتطلب من الزعماء تحليلات سياسية، بل مد اليد للطرف الآخر، وإنشاء حكومة وحدة وطنية والعودة إلى طاولة الحوار، ودعم أجهزة الدولة، لا سيما الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وأضاف كرامي أنهم يحاولون جعل لبنان عراقاً آخر، وهذا أمر لن ينجحوا في التوصل إليه، لأن ظروف العراق مختلفة عن ظروف لبنان، لكنه لفت في الوقت عينه إلى أن مشروع الفتنة المذهبية الذي يضرب المنطقة حط رحاله أخيراً في لبنان، فأصبح لبنان جزءاً من هذا المخطط، أما عن الاتهامات الموجهة إلى سوريا، فرفض كرامي توجيه الاتهام إلى أي فريق سياسي بالاسم قبل ظهور نتائج التحقيق أو أقله بعض الخيوط، مؤكداً إدانته لأي جهة قامت بهذا العمل، مطالباً بإنزال أشد العقوبات بحقها.
أما عن الأمن الذاتي الذي دعت إليه التيارات السلفية على خلفية انفجاري طرابلس، فقال الوزير كرامي لـ”العربية.نت” نحن كفعاليات طرابلس وأهل المدينة وحتى الجماعة الإسلامية نرفض هذا الكلام بكل أشكاله، لأنه سيؤدي إلى الفلتان الأمني ولن نسمح بذلك.