على إثر توصيات اعتماد اللهجة الجزائرية في الطور الإبتدائي عوضا عن اللغة العربية الفصحى، انقلبت كبرى الأحزاب السياسية على ما ترغب فيه وزيرة التربية الوطنية “نورية بن غبريط”، وهناك من باشر حملة جمع التوقيعات لجعل الإنجليزية اللغة الأجنبية الأولى بدل الفرنسية وإرسال العريضة إلى الوزير الأول عبد المالك سلال لينظر في مطلب الشعب.
فقد اقتصرت حملة جمع التوقيعات في البداية على رواد فيسبوك من خلال ما دعت إليه المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ بجعل الإنجليزية أول لغة أجنبية في المدرسة الجزائرية، في رسالة وجهت إلى أولياء التلاميذ كبداية قبل أن تتطور الفكرة سريعا ويلتحق بها عدد من السياسيين في صورة رؤساء الحكومة السابقين أحمد بن بيتور وعبد العزيز بلخادم، بشير مصطفى وعبد العزيز غرمول، فضلا على شخصيات ثقافية ورياضية.
واعتبر هؤلاء أن الفرنسية تراجع دورها كثيرا في العالم بل ولم تعد حسبهم لغة علم أو تجارة ولا حتى سياحة، وبناء عليه طالبوا في حملتهم أن يتم إزالة اللغة الفرنسية كلية وتعويضها بالإنجليزية في المدرسة قصد مواكبة التطورات الحاصلة في عالم اليوم.
ورغم أن حملة جمع التوقيعات لم يمر عليها سوى أيام قليلة إلا أنها نجحت وكبداية في جمع ما يقارب الأربعة آلاف شخص وقعوا على العريضة فيما يأمل الموقعون أن يصل عددهم إلى عشرة آلاف قبل نهاية شهر أوغسطس.
هذا ويشار أن المشاركة في الحملة تتم عبر زيارة أكبر تجمع حملات على الانترنت في العالم المتمثل في موقع ” آفاز” لحملات المجتمع و الذي يعتبر كمنصة جديدة تمكّن الأشخاص حول العالم من اطلاق حملات محلية و وطنية وعالمية.
للتذكير فإن العريضة التي دعت إليها منظمة أولياء التلاميذ تكون بالتوقيع عليها إلكترونيا لإيصال صوتهم إلى الحكومة ومن بين ما جاء فيها ما يلي :”أنا ولي لأبناء بالابتدائي أطالب الحكومة بتعليم أولادي اللغة الانجليزية بدلا من اللغة الفرنسية التي لم تعد لا لغة علم ولا لغة تجارة ولا لغة سياحة .. اللغة الفرنسية لم تعد لها مكانة قوية في العالم في كل المجالات ..معا لبناء مستقبل زاهر لأبنائنا”.
وعبر صادق دزيري، رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين عن رفضه لكل محاولات المساس باللغة العربية، معلقا على نفي الوزيرة اتخاذ القرار، عندما وصفت الأخبار بأنها مجرد إشاعات مثلما جاء على صفحتها على “الفايسبوك”، قائلا إنه “إذا كان مقصود الوزيرة قياس ترمومتر الدفاع عن العربية من طرف الجزائريين، فان اللغة العربية هي خط أحمر للمدرسة الجزائرية والنقابات، بل وكان يجب على الوزيرة توجيه مجهوداتها إلى تحسين وتجسيد اللغة الأمازيغية الأم”.
وفي سياق متصل تخلص أكبر حزبين في الجزائر وهما الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي من مسؤولياتهم عن وزيرة التربية والتعليم بن غبريط، التي تمادت حسبهم في اتخاذ قرارات أثارت الرأي العام الجزائري، وهي الأحزاب التي تنتظر قرار الرئيس بوتفليقة في شأنها.
وقد أفاد محمد جميعي، رئيس المجموعة البرلمانية عن حزب جبهة التحرير الوطني أن وزارة التربية “حاولت التعدي على أبرز مقومات الأمة الجزائرية وأهم ثوابتها الدينية والدستورية والحزب لن يرضى التعدي على هوية الجزائريين فالعروبة والأمازيغية والإسلام وأمن البلاد أمور مقدسة عند الشعب الجزائري”. ومن شأن بن غبريط ووفق القرار الذي اتخذته – حسب ربيعي- أن تخلق بلبلة وفتنة اجتماعية الجزائر في غنى عنها.
في حين سجل ممثل عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي موقفه الرافض لإقرار اللهجات والعامية في الأطوار الأولى من التدريب، معتبرا أن العملية تتسم بالتسرع والغموض والارتجال، وأوضح شهاب في تصريحات صحفية له الثلاثاء أن حزبه حريص على تفويت فرصة التعاطي مع القضية تفاديا للصراعات الإيديولوجية ومنبها في الوقت ذاته إلى القول :” اللغة العربية هي اللغة الرسمية والوطنية منذ الاستقلال وستبقى كذلك”.
هذا وتعتبر مواقف حزبي جبهة التحرير الوطني والأرندي أكثر أهمية كونهما تعتبر عن موقف شبه رسمي يتمثل في الحكومة ، فضلا عن كونهما صاحبا الأغلبية في البرلمان بغرفتيه ، كما أن حزب جبهة التحرير الوطنية يسير تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما يعني أن بن غبريط أصبحت مهددة بأن تتراجع عنوة عن قراراتها التي اتخذتها دون العودة للحكومة أو مجلس الوزراء.