الفنان السوري فرزات يكشف تفاصيل اختطافه والاعتداء عليه.

طرح فنان الكاريكاتير السوري علي فرزت تساؤلاً حول ادعاءات النظام السوري بأنه يلاحق المسلحين والمندسين، وقال: “ماذا يقولون عني الآن؟ بماذا يُجيبون من يسألهم عما فعلوه بي؟ أنا فنان لا أملك سلاحاً.. لا أملك إلا قلماً، بينما هم لديهم جميع الأسلحة التي تدينهم”.

وقال فرزات اليوم الجمعة في اتصال مع “العربية” حول تفاصيل عملية الاعتداء يوم أمس إن سيارة بيضاء لاحقته من مكتبه حتى وصل إلى ساحة الأمويين، وهي منطقة عسكرية، ويقول: “بعدها حاصروا سيارتي أمام فندق شيراتون، ونزل 4 أشخاص اعتدوا عليّ بالضرب بالعصي وأنا داخل سيارتي، ثم سحبوني سحباً على الطريق، وأدخلوني إلى سيارتهم، وألبسوني كيساً معتماً، وأخذوني إلى جهة لا أعرفها”.

وقال لي أحدهم ونحن بالطريق: “كيف تتمادى على أسيادك بالرسم والنقد؟ سنعلمك كيف تتمادى عليهم”.

فكسروا إحدى يدي، وأصابوا الأخرى برضَّة، ثم أخبروني بأنهم هذه المرة اكتفوا بهذا، وفتحوا باب السيارة وهي تمشي بسرعة 30 كيلومتراً بالساعة ورموني على الطريق بالقرب من المطار.

ومن جهته، وحول هذه الحادثة، علّق الكاتب السياسي السوري حازم نهار بأن النظام السوري فقد كل الصفات المعروفة لأي نظام، ولم يعد يملك إلا العصا الأمنية.

وقال: “النظام ما عاد يُطيق لا مطرباً يُغني ويصدح، ولا رسام كاريكاتير يرسم رسوماً انتقادية، ولا كاتباً يكتب ضده، هو لا يريد من السوريين إلا أن يكونوا أشباحاً لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم”.
دول ومنظمات تندّد

وفي هذا الإطار نددت باريس بالاعتداء “الوحشي والمثير للصدمة” على رسام الكاريكاتير فرزات مذكرة بتصميمها على “القيام بكل شيء” من أجل أن يوقف النظام السوري أعمال القمع كما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية.

وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، إن “فرنسا تدين الاعتداء الوحشي والمثير للصدمة على رسام الكاريكاتير علي فرزات الذي لم ترق أعماله في الآونة الأخيرة للنظام السوري. إن إسكات مثل هذا النوع من أشكال التعبير لا يفيد بشيء”.

وأضاف أن “فرنسا مصممة أكثر من أي وقت مضى على القيام بكل شيء من اجل ان يوقف نظام بشار الأسد ودون تأخير القمع. إن ذلك هو اتجاه جهودنا في مجلس الامن”.

ودانت عدة شخصيات ومنظمات حقوقية الاعتداء الذي تعرض له فرزات.

كما نددت الادارة الامريكية أمس الخميس بالاعتداء “المثير للاشمئزاز والمؤسف” الذي وقع ضحيته في سوريا رسام الكاريكاتير علي فرزات بيد أجهزة الامن.

وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الامريكية: “إنه رسام، لقد كسروا يديه بأكثر الطرق اشمئزازاً لتوجيه رسالة”.

وفي سوريا، أصدر الفنانون التشكيليون بياناً يدين الاعتداء على فرزات، ونشر على صفحات “فيسبوك” تحت عنوان “بيان الفنانين التشكيليين لإدانة الاعتداء السافر على الفنان علي فرزات”.

وجاء في البيان أن “علي فرزات” اسم من ثمانية أحرف تبث على الفور آلاف الصور لرسوماتٍ زرعت الضحكة والأمل في جراح السوريين.. وقاومت قبحَ الظلم والفساد والعنف.

وأضاف البيان: “اليوم اجتاحَتْ الوحشيّة الأمنيَّة جسدَه في رسالةٍ إرهابيّة مُباشرةٍ لكلِّ سوري وللإنسانيّة جمعاء.. إنَّ جسَدَه المُدمى وإنسانيته المنتهكة هي الصورة “الإرهاب” التي يقترحها النظام السوري لسوريا.. حباً “لعلي فرزات” وعرفاناً لإنسانيته المبدعة.. وصوناً للإنسان في روحه وجسدهِ وذكائه وحريّته”.

ودعا البيان الصادر عن “الفنانين التشكيليين السوريين”، اتحاد التشكيليين السوريين والفنانين التشكيليين المقيمين داخل وخارج سوريا والأساتذة بكلية الفنون الجميلة وطلاب الفنون الجميلة المعارضين والموالين سواء إلى اللقاء في الإنسانيّة من خلال التصدي العملي للجريمة التي لحقت بعلي فرزات.

وطالب بتحديد يوم تضامني مع الفنان علي فرزات للاحتجاج على العنف اليومي وانتهاك حقوق الإنسان، وتوجيه رسالة موحِّدةٍ وموَّحَدَة إلى “اتحاد التشكيليين العرب وإلى مجلس حقوق الإنسان وإلى الأمين العام للأمم المتَّحِدة”، كما طالب النظام السوري “بالكشف العلنيّ والفوريّ عن كلِّ من خَطَّطَ وأمَرَ ونَفَّذَ هذه الجريمة”، معتبراً أنّ “السكوت عنها يعني مباشرةً الضلوع بها”.

وحصل فرزات على ترخيص بإصدار جريدة “الدومري” في عام 2001 وكان ذلك أول ترخيص يعطى لصحيفة مستقلة في سوريا منذ 1963 وشهدت رواجاً كبيراً منذ بدء صدورها مع طبع 60 ألف نسخة، إلا أن الصحيفة توقفت عن الصدور نتيجة بعض المشاكل مع السلطات وسحب الترخيص منها عام 2003.

وأسس فرزات صالة للفن الساخر التي اتخذت من مقر جريدة “الدومري” موقعاً لها لتكون استمراراً لفكرها معتمداً على النجاح الذي حصدته الجريدة لدى الجمهور الذي نقلت همومه وعكست واقعه وكانت لسان حاله.

وفاز علي فرزات (60 عاماً) بعدد من الجوائز الدولية والعربية، منها الجائزة الأولى في مهرجان صوفيا الدولي في بلغاريا (1987)، وجائزة الأمير كلاوس الهولندية (2003).