في سابقة من نوعها، منذ وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي لقيادة الحكومة المغربية، لأول مرة في تاريخهم السياسي، صعد القياديون المحسوبون على تيار الصقور من حدة مواقفهم، بإعلان الاستعداد للنزول إلى الشارع لمواجهة “المشوشين”.
فقد اتهم عبدالله بوانو، رئيس كتلة الحزب الإسلامي المعتدل الذي يقود التحالف الحكومي في المغرب، جهات لم يسمها بـ”السعي لإسقاط الحكومة الحالية، بعد أن تعرضت إلى كل أنواع العصيان والتشويش على عملها، ليصل الأمر إلى الاستهداف المباشر”، قبل أن يعلن هذا القيادي صراحة: “إننا لهم بالمرصاد، وإذا كانوا لا يفهمون إلا لغة الشارع، فنحن مستعدون للنزول إليه في أي لحظة لثنيهم عن الأهداف التي يسعون إليها”.
وقال بوانو إن جهات تحاول شد الحكومة إلى الوراء، منادياً بضرورة “الوقوف إلى جانبها من أجل مساعدتها على التنزيل الديمقراطي للدستور”، ومعلناً أن “الدستور الحالي لا يكرس الملكية البرلمانية التي نادت بها حركة 20 فبراير”، إلا أن الدستور الجديد بحسب القيادي الإسلامي، يمكن “أن يحمل مقتضيات جديدة تتضمن الكثير منها أسس الملكية البرلمانية”.
ولا تمر الخرجات التي يقوم بها القياديون البارزون في الحزب الإسلامي المعتدل، دون أن يظهر من يرد عليها من الأحزاب السياسية المعارضة.
فقد اعتبر ادريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساري المعارض، أن حزب العدالة والتنمية “يسعى للهيمنة على مؤسسات الدولة المغربية، من خلال إسناد كل المهام للمنتمين للحزب أو للمقربين منه”، في الوقت الذي تسجل الحكومة “توجهاً صوب إفراغ المشروع الدستوري من مضمونه، من خلال التأخر في إصدار القوانين التنظيمية للدستور الجديد، الذي صوت عليه المغاربة، في صيف العام 2011”.
وأعلن زعيم أكبر حزب يساري مغربي، اصطفاف حزبه في “جبهة للقوى اليسارية الديمقراطية التقدمية، التي ستقف في وجه كل من يريد إرجاع المملكة إلى الوراء”، وانتقد هذا القيادي ضعف أداء الحكومة في الأداء التشريعي في البرلمان، معلناً أنها حكومة “لم تمتلك الجرأة للتشاور مع باقي القوى السياسية في المعارضة” في إعداد خريطة طريق للتشريعات الجديدة التي ستتم إحالتها على البرلمان، والتي جرى تجميعها في وثيقة حملت اسم “المخطط التشريعي”.
وجاء أشرس هجوم على حزب بن كيران من حزب الأصالة والمعاصرة اليميني المعارض، الذي “اتهم الإسلاميين الحكوميين بتلقي أموال من الخارج، بكميات كبيرة لتمويل حملاته الانتخابية”، وحذر الحزب المعارضة مما أسماه “تكرار سيناريو مصر وتونس في المغرب”.
واستهجن الحزب اليميني المعارض، ما صدر عن الإسلاميين المعتدلين من تلويح بالنزول للاحتجاج في الشارع، ضد من يسميهم الإسلاميين بجيوب مقاومة التغيير في المملكة، فالإسلاميون المعتدلون الذين يقودون أول تجربة حكومية في تاريخهم، يواجهون تهمة أخرى من الحزب اليميني المعارض، تتعلق بـ”خدمة أجندات خارجية مناوئة للمصالح العليا المغربية”.
ويرى مراقبون أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل يتواجد في وسط معارك إعلامية لا تتوقف، من اتهامات واتهامات مضادة، فالحزب لا يمل من ترديد أنه أتى للإصلاح على أعقاب رياح الربيع العربي والحراك السلمي في الشارع المغربي، إلا أن “المشوشين والتماسيح والعفاريت” المتواجدين في الدولة المغربية لا يسمحون له بالقيام بأي شيء، بينما أحزاب المعارضة اليمينية واليسارية تشدد على أن الإصلاح مسلسل مغربي بدأ قبل حوالي عقد ونصف مع أول حكومة قادها أكبر حزب يساري مغربي قبيل وفاة العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني في نهاية تسعينيات القرن الماضي.