صادقت لجنة العدل والتشريع بالبرلمان المغربي، أمس الأول الثلاثاء، على مراجعة قانون غسيل الأموال من خلال اعتبار “تمويل الإرهاب فعلا إرهابيا، ولو ارتكب خارج المغرب٬ وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الأموال استعملت فعلاً لارتكاب هذه الأفعال الإرهابية أو لم تُستعمَل”.
وأبدت فعاليات سياسية وحقوقية تخوفها من أن يؤدي تطبيق هذا القانون الجديد الذي يوسع دائرة الحرب على “اقتصاد الإرهاب” إلى الاعتداء على حقوق الإنسان بدعوى محاربة تمويل الإرهاب، أو إلى ممارسات خاطئة ومَعيبة عند تطبيقه وتنزيله على الأرض.
تمويل الإرهاب
ويقضي مشروع القانون الجديد الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع، في انتظار أن يُعرض في دورة استثنائية للبرلمان خلال الأيام القادمة، بأنه “يعتبر تمويلا للإرهاب القيام عمدا، وبأي وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة٬ بتوفير أو تقديم أو جمع أو تدبير أموال أو ممتلكات٬ ولو كانت مشروعة٬ بنية استخدامها كلياً أو جزئياً لارتكاب فعل إرهابي سواء وقع أو لم يقع”.
وينص على معاقبة كل شخص “قدم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض أو حاول ارتكاب أفعال إرهابية”، وكما مدد مفهوم الممتلكات لكل الأفعال الإرهابية بتعريف هذه الممتلكات بكونها تضم “أي نوع من الأموال والأملاك”.
ويأتي تحرك الحكومة للمصادقة على قانون “أموال الإرهاب” عقب تصنيف المغرب قبل أيام خلت من طرف المنظمة الدولية المالية في تقريرها السنوي ضمن القائمة الرمادية القاتمة، التي تشمل الدول التي تنشط فيها حركة أموال الإرهاب وعمليات غسيل هذه الأموال.
الحكومة والمعارضة
الحكومة التي سارعت إلى سن هذا القانون الجديد المتعلق باقتصاد الإرهاب ترى أن تطبيق هذه الإجراءات الحازمة سيمكن البلاد من تجنب توقيف التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة، التي تبلغ كل سنة أكثر من 30 مليار درهم بدعوى التمحيص في منابع هذه الأموال.
واعتبر نواب من أحزاب المعارضة والأغلبية أيضا، تحدثوا إلى “العربية.نت”، أن محاربة الإرهاب أمر لا يمكن سوى الإشادة به والانخراط فيه، لكن ليس على حساب حقوق الإنسان، باعتبار أن أفضل ما يمكن أن يُواجَه به الإرهاب هو تحقيق العدالة وإقرار الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد.
وأفاد الدكتور حسن طارق، القيادي البارز في حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، بأنه لا يتعين أن تؤدي الرغبة الكبيرة للحكومة في أن يتخلص المغرب من تصنيفه الدولي في الخانة الرمادية للدول التي تتهاون في ملاحقة أموال الإرهاب، إلى السقوط فيما هو أكبر وأخطر عندما تُمس حقوق الإنسان فيتم تصنيف البلاد في قوائم سوداء عند منظمات دولية أخرى.
الحذر من خرق حقوق الإنسان
وقال عبدالمالك زعزاع، الكاتب العام لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، إنه من الناحية القانونية يعتبر تمويل أعمال إرهابية جريمة شنعاء ليس فقط في القانون المغربي، بل حتى في جميع المواثيق والقوانين الدولية.
وأردف الناشط الحقوقي، في تصريحات لـ”العربية.نت”، بأنه ينبغي أن يكون النص القانوني سليماً لا يتضمن تأويلات معينة له قد تدفع مثلا تحويل أموال عادية وبسيطة أحيانا من بلد أجنبي إلى المغرب إلى جريمة إرهابية تفضي إلى ولوج السجن.
واستدل زعزاع بملف الطبيبة المغربية “ضحى أبو ثابت” التي تم اعتقالها والحكم عليها بالسجن عدة سنوات بتهمة تمويل الإرهاب، رغم أنها صرحت بأن لديها أخا في أفغانستان أرسلت له مبلغاً زهيداً من المال من باب المساعدة الاجتماعية من أخت لأخيها، لكنها توبعت بجريمة إرهابية دخلت على إثرها السجن.
واستطرد زعزاع بالقول “نحن كحقوقيين نؤكد على أنه من أجل محاربة جرائم الإرهاب يجب أيضا حماية وصون حقوق الإنسان من كل مس أو اعتداء، حيث لا يمكن هضم حقوق الإنسان بحجج ودلائل لا تقوى إلى درجة الإدانة والقيام بخروقات لحقوق الإنسان.
وخلص المتحدث إلى أن “الجميع يقف ضد اقتراف أية أفعال إرهابية، غير أن ذلك يتم أساسا عن طريق إرساء حقوق الإنسان وعدم الاعتداء عليها تحت أي مبرر كان”، مشيرا إلى أن “المشتبه فيهم يجب أن يحظوا بمحاكمة عادلة وشفافة ضمانا لحقوقهم التي أوجبتها القوانين المُعتمدة”.