العربية- شيع حوالي 1.4 مليون شخص، بحسب مصدر إعلامي تونسي، جثمان المعارض اليساري البارز، شكري بلعيد، الجمعة، إلى مثواه الأخير، حيث دفن في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس.
وخلال إنزال جثمان المعارض في القبر، ردد الآلاف بصوت واحد “الله أكبر” “لا إله إلا الله.. والشهيد حبيب الله”، و”بالروح.. بالدم.. نفديك يا شهيد”.
واندلعت اشتباكات في محيط المقبرة بين الأمن ومجهولين، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع. فيما امتنع راشد الغنوشي، زعيم حزب حركة النهضة الإسلامية الحاكم، عن المشاركة في الجنازة.
وانطلقت جنازة بلعيد، الذي اغتيل بالرصاص، الأربعاء، أمام منزله في تونس العاصمة، من دار الثقافة في منطقة جبل الجلود (جنوب العاصمة) مسقط رأس بلعيد، وسط زغاريد النساء.
ونقلت سيارة عسكرية الجثمان الذي لف بالعلم التونسي، فيما قدم جنود تحية عسكرية له.
وحضر الجنرال رشيد عمار قائد اركان الجيوش الجنازة. وكان عمار المسؤول الرسمي الوحيد الذي شارك في الجنازة التي غابت عنها رموز الدولة، وشاركت فيها رموز المعارضة.
وصعدت نيروز (8 سنوات) ابنة شكري بلعيد، الى السيارة العسكرية التي تنقل جثمان والدها الى المقبرة.
وإلى ذلك، سجلت كاميرات بعض التلفزيونات المحلية بشكل عفوي سرقات وعمليات تخريب وتكسير من طرف بعض المشاغبين حول محيط مقبرة الجلاز، وتم التصدي لهم من طرف المواطنين ورجال الأمن.
وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، خالد طروش، للتلفزيون التونسي بأن الوحدات الأمنية تحاصر مجموعات تخريبية تريد إدخال البلاد في فوضى.
وحرصت النساء على حضور الجنازة كتفا بكتف مع الرجال، وهو الأمر الذي انتقدته مجموعات إسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي.
فيما نفى مدير مكتب الغنوشي، زبير الشهودي، أن يكون الزعيم التونسي قد غادر البلاد إلى لندن، مؤكدا أن الغنوشي موجود في البلاد، وأنه لن يشارك في جنازة بلعيد احتراما لمواقف عائلته التي سبق وأن وجهت أصابع الاتهام للنهضة حول عملية الاغتيال.
ومن جهة أخرى، أطلق مجموعة من أصدقاء السياسي التونسي الراحل بلعيد اسمه على ساحة بالقرب من منزل الراحل، وبنوا فيها مجسما كتبوا عليه اسمه، ووشحوه بالعلم التونسي.
وشهدت الجنازة ترديد شعارات منددة بحزب النهضة الإسلامي والذي اتهمته أسرة بلعيد بتدبير حادث اغتياله.
وانتظر المشيعون في طقس بارد ممطر خارج المركز الثقافي في العاصمة تونس، حيث سجي جثمان بلعيد، وهم يحملون صور السياسي القتيل، وردد البعض هتافات ضد الغنوشي، ووصفوه بأنه قاتل ومجرم.
وأعلن الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، الحداد العام في البلاد، فيما وقعت مواجهات عنيفة في عدد من المدن التونسية بين محتجين وقوى الأمن، كما أعلنت الخطوط الجوية التونسية، اليوم الجمعة، تعليق جميع رحلاتها استجابة لدعوة الاتحاد العام للشغل للإضراب.
وتعاني تونس، مهد انتفاضات الربيع العربي، من توترات بين الإسلاميين الذين يهيمنون على مقاليد الحكم ومعارضيهم العلمانيين، ومن خيبة أمل بسبب عدم حدوث أي تقدم على صعيد الإصلاحات الاجتماعية منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير/كانون الثاني 2011.
وانتشر المئات من عناصر شرطة مكافحة الشغب في شارع الحبيب بورقيبة، أحد مراكز الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العاصمة تونس.
وفي رد فعل على اغتيال بلعيد، قال رئيس الوزراء حمادي الجبالي، وهو إسلامي، إنه سيشكل حكومة تكنوقراط غير حزبية لتسيير أمور البلاد حتى يتم إجراء انتخابات مبكرة.
لكن حزب حركة النهضة، الذي ينتمي إليه الجبالي، وشركاءه العلمانيين في الحكومة، قالوا إنه لم تتم استشارتهم في هذه الخطوة، مما ألقى بظلال من الشك على وضع الحكومة، وزاد من حالة عدم اليقين السياسي.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال بلعيد، المحامي والسياسي العلماني الذي أطلق مسلح الرصاص عليه بينما كان يغادر منزله في طريقه إلى العمل قبل أن يلوذ القاتل بالفرار بدراجة نارية.
وألقت أسرة بلعيد باللوم على حركة النهضة، لكن الحزب نفى أي تورط في الحادث. وهاجمت حشود عدداً من مقار الحركة في العاصمة ومدن أخرى خلال اليومين الماضيين.
ورغم أن بلعيد يتمتع بتأييد سياسي متواضع لكنه في انتقاده اللاذع لسياسات حركة النهضة كان يتحدث بلسان كثيرين يخشون أن يخنق أصوليون إسلاميون الحريات التي اكتسبت في أولى انتفاضات الربيع العربي.