يسود قلق وحذر كبير وسط أجواء منطقة القصيم في السعودية مع بدء ارتفاع معدل جريان وادي الرمة الشهير الممتد من حائل وحتى المدينة المنورة، ويقطع منطقة القصيم وصولاً للكويت، ووصل جريانه حالياً بين مدينتي عنيزة وبريدة، خاصة أنه بدأ في الجريان قبل أربعة أيام، بدءاً من الحويط في جنوب غرب حائل.
ويتوقع أن تزيد قوة جريانه خلال اليومين المقبلين مع توالي الأمطار ووصول بعض روافده العميقة، والتي تقدر بأكثر من 300 رافد من جنوب وشمال السعودية وغربها. ويتوقع أن يكون جريانه هذه المرة شبيهاً بالجريان الذي كان عليه قبل أربع سنوات في حال ارتفاع معدل الأمطار في الأيام المقبلة.
وبدأ الدفاع المدني في منطقة القصيم بحملة توعية من مخاطر عبور الوادي خلال الأيام الماضية، كما قام بإخلاء أماكن بعض الرعاة الذين استوطنوا بطن الوادي، ويؤكد المتحدث الرسمي للدفاع المدني في منطقة القصيم، المقدم إبراهيم أبا الخيل، أن الوضع حالياً ما زال طبيعياً ولكنهم يحتاطون لازدياد جريان الوادي.
وقال لـ”العربية.نت”: “الوضع الآن طبيعياً ولا يوجد خطر كبير، ووصل جريان الوادي لمنطقة القصيم بجريان غير قوي، ولكن إذا وصلتنا سيول منقولة من المدينة المنورة وحائل فقد تزيد قوته أكثر”.
وتابع “نحن نقوم بتوعية في المناطق القريبة منه والتنبيه عليهم من الخطر، كما لدينا دوريات السلامة التي تقوم بالمرور على جميع المناطق المحيطة بالوادي لتنبيه الموجودين فيه، وتم إخراج الكثير من الرعاة وأهل البادية الذين نصبوا خيامهم داخل الوادي أو قريبة منه، وإبعادهم عن بطن الوادي”.
وخلال اليومين الماضيين قام الدفاع المدني بإخلاء 13 منزلاً تأثرت من الأمطار دون حوادث أو وفيات وتحويلهم لشقق مفروشة.
توقعات بالمزيد
من جانبه، يؤكد الخبير في المناخ، خالد الراضي، أن أهمية وادي الرمة تكمن في كونه أكبر أودية شبه الجزيرة العربية، وهو يمتد من حائل وحتى المدينة المنورة والمناطق الجنوبية مروراً بمنطقة القصيم. وقال لـ”العربية.نت”: “وصل الآن جريان الوادي لغرب الرس وبشكل خفيف ويحتاج ليومين حتى تجتمع الأودية والروافد التي تصب فيه ليجري بعدها بنصف طاقته وربما أكثر”. ويتابع “لا يتوقع أن يكون شبيهاً بما حصل في عام 1982 ولا حتى نصفه، فالأمطار التي هطلت حالياً قد تسيره بنصف طاقته فقط”.
ولا يعتبر الوادي بحد ذاته خطراً إلا في المناطق القريبة من عنيزة. ويضيف الراضي “الرمة هو أكبر الأودية وأطولها في الجزيرة العربية، ومعظم شعاب القصيم وحفر الباطن وحائل والمدينة المنورة تصب فيه، وكان أقوى جريان له في العشر الأولى من مايو/أيار 1982 حيث جرى حينها بكامل طاقته، وأيضاً في عام 2008. وجرى الوادي في غيرها أكثر من مرة كعام 1985 و1986، ولكنها لم تكن قوية، وهذا العام يتوقع أن يكون جريانه بنصف قوته، ولكي يسير بقوة لا بد أن تتركز الأمطار على جنوب غرب حائل وعلى جنوب غرب القصيم وشرق المدينة المنورة في وقت واحد، عندها يكون قوياً جداً. وهذه المرة بدأ من الحويط في حائل ومن جهة شمال عفيف ووادي جرير، ويتوقع أن يزيد مجراه ليصل للرس”.
أشهر الأودية
ويعتبر وادي الرمة الذي كان وادي الباطن امتداداً له في العصور المطيرة من أهم الظواهر الطبيعية في السعودية، لاتساع عرضه وطوله وسيطرته على مساحة شاسعة، إذ يعبر السعودية من الغرب إلى الشرق، كما أنه أطول واد بشبه الجزيرة العربية، إذ يبلغ طوله تقريباً أكثر من 1000 كلم، يبدأ من مشارف المدينة المنورة ويتجه نحو الشرق وصولاً إلى الكويت، بعد أن يمر بين جبال أبانات المشهورة بمنطقة القصيم ليتسع وتظهر كامل معالمه الطبيعية، وله أكثر من 300 رافد من الشمال والجنوب.
وتشير الدراسات التاريخية إلى أن وادي الرمة يجري في كل 100 عام أكثر من 3 مرات، وتختلف قوة جريانه من سنة لأخرى، وكان آخر جريان قوي له في عام 1955 وفي عام 1982، وجرى بقوة ضعيفة في عام 1986، ولكن عام 1838 أحدث فيضاناً عظيماً وكوّن بحيرة تبلغ مساحتها 200 ميل مربع بقيت لمدة عامين وجذبت كثيراً من الطيور المائية من التي لم تكن ترى من قبل، وكان آخر جريان للوادي في عام 2008 في بداية السادس من مايو، حيث جرى من المدينة المنورة ووصل إلى حدود نفود الثويرات.