غطى الغاز المسيل للدموع سماء رام الله والإطارات المشتعلة تقطع مداخل المدينة، فيما رشق محتجون الشرطة الفلسطينية بالحجارة.
وقرر اللاجئون الفلسطينيون الخروج في اعتصامات تغلق مداخل المدن للاحتجاج على تقليص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا من الخدمات التي تقدمها للفلسطينيين في المخيمات منذ العام 1949.
وفي أزقة المخيم تبدو البنايات الزرقاء التابعة للأمم المتحدة مغلقة، فالعيادات بدون أطباء والمدارس تعصف فيها رياح الجهل منذ أكثر من شهرين، كما هو حال محمد ابن العاشرة الذي يلعب مع أقرانه لأن إضراب المعلمين والإداريين شل العملية التدريسية.
ويقول محمد إنه يلعب لأن المدرسة مغلقة فيما تدخل المواطن إبراهيم غوانمه قائلا إن عيادات الوكالة لا تقدم أي شيء، وعند زيارتها بصحبة مريض تجري له الفحوصات الاعتيادية مجاناً لكن الطبيب يصف له علاجاً لا يتوفر في صيدلية عيادة الأونروا.
ويتساءل إبراهيم بأسى عن السبب الذي يدفعه للعلاج هنا ولشراء العلاج من الخارج وهو عاطل عن العمل منذ عامين.
وقد تأسست “الأونروا” بعد نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره عن أرضه بقرار من الأمم المتحدة في الثامن من ديسمبر عام 1949، وبموجب قرار الجمعية العامة رقم “302”، لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
وكانت منظمة الصليب الأحمر الدولي، هي الجهة التي ترعى اللاجئين منذ تاريخ النكبة 1948، وحتى مباشرة “الأونروا” عملها في نهاية عام 1949، ومنذ ذلك التاريخ دأبت “الأونروا” على تنفيذ برامج إغاثة شهرية للاجئين الفلسطينيين في كافة المخيمات، وكانت تعطي حصة غذائية كاملة لكل لاجئ شهريا، بالإضافة إلى برامج التعليم والصحة وبناء الوحدات السكنية.
وقال محمود مبارك مسؤول اللجنة الشعبية في مخيم الجلزون شمال رام الله، إن “اسم المنظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين ومؤخرا لم تعد تقدم الإغاثة، وها هي تفصل الموظفين لتتخلى عن دورها في تشغيلهم”، متسائلا “إذا ما كانت هذه الممارسات من قبل الأونروا هي سياسة دولية لتصفية قضية اللاجئين وإجبارهم على التوطين في مخيماتهم أو الهجرة خارج الأراضي الفلسطينية”.
الحكومة الفلسطينية تدخل على خط التهدئة
وبدأت الحكومة الفلسطينية بعد دخول الإضراب شهره الثاني بلعب دور الوسيط لحل الأزمة وردم الهوة بين قرارات الأونروا وبين طلبات اتحاد العاملين في الوكالة، التي تتمثل في زيادة قيمتها 150 دولارا على الراتب الشهري والتراجع عن فصل خمسة وخمسين موظفا عربيا وزيادة الخدمات التي تقدما الأونروا للاجئين وتحديدا في مجالي الصحة والتعليم.
وشكلت اللجان الشعبية في المخيمات لجانا لجمع النفايات من شوارع المخيمات بسبب إضراب عمال النظافة والتهديد بانتشار الأوبئة والأمراض.
ورفضت الأونروا التصريح للعربية بسبب التزامها أمام رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله بعدم التصريح للإعلام خلال الثماني وأربعين ساعة القادمة.
وقال رئيس اتحاد العاملين العرب في وكالة الغوث شاكر الرشق في تصريحات صحافية إن اتحاد العاملين يمثل حوالي 600 موظف أي 50 ألف لاجئ مع عائلات الموظفين، وجوهر وأسباب الإضراب يتعلق مباشرة بالتقصير الكبير لوكالة الغوث في الإغاثة والتشغيل والنهج المتصلب تجاه اللاجئين والعاملين، مشدداً على أن هذا الإضراب شرعي وقانوني باعتراف الجميع.
وأشار إلى عدم استجابة إدارة الوكالة لأي من مطالب العاملين واللاجئين منذ عدة أشهر أو أي من الاعتصامات التي قام بها اتحاد العاملين أو مهلة الشهر التي أعطيت للإدارة شهر نوفمبر الماضي، مشددا على موقف الاتحاد الرافض بشكل قاطع فصل أو إيقاف أي موظف عن العمل، نتيجة اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال، مشيراً إلى توقيف 4 موظفين وتهديدهم بالفصل على هذه الخلفية.
وجدد الرشق رفض سياسة الفصل التعسفي والتي أدت إلى فصل 55 موظفا في منتصف شهر نوفمبر من قبل إدارة الوكالة الذين يعملون على عقود مؤقتة وخدموا من 3 إلى 13 عاماً.
وقد تصل الأوضاع داخل المخيمات حد الثورة على السلطة والاحتلال والأمم المتحدة، فالبطالة بدون حدود والطب لا يشفي مريضا والدواء لا يتجاوز المسكنات والجهل سيكون سيد الموقف إذا استمر وضع إضراب المعلمين على ما هو عليه.