تباينت ردود أفعال وآراء الساسة وخبراء القانون والإعلام حول قرار منع البث التلفزيوني على الهواء مباشرة, لجلسات محاكمة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي و14 متهماً آخرين, بتهمة التحريض وقتل المتظاهرين أمام القصر الرئاسي يوم 5 ديسمبر الماضي, في الأحداث المعروفة إعلامياً بـ”موقعة الاتحادية”.
وكان مصدر قضائي رفيع المستوى, قد كشف عن قرار عدم بث المحاكمة, قبل ساعات قليلة من انطلاق محاكمة “مرسي” التي تبدأ صباح الاثنين بأكاديمية الشرطة.
وقال المصدر, إن المستشار أحمد صبري يوسف رئيس محكمة “المعزول”, قرر منع دخول جميع الآلات والأدوات الإلكترونية التي تستخدم في التسجيل أو التصوير, ومنع الهواتف النقالة.. أضاف: إنه سيتم السماح للصحفيين بالحضور دون أجهزة اللاب توب, اكتفاء بالقلم والورقة فقط.
ليست سرية .. والمنع حق للقاضي
إلى ذلك, أوضح الدكتور رأفت فودة أستاذ ورئيس قسم القانون العام بحقوق القاهرة, لـ”العربية نت” أن الجلسة ليست سرية.. لكنها مغلقة, بمعنى أنه من الممكن حضور الصحفيين, وغيرهم ممن يتم السماح لهم بالحضور, ولكن دون نشر أو بث أجزاء مما دار بالجلسة عبر وسائل الإعلام.
واستطرد فودة: عدم إذاعة المحاكمة على الهواء مباشرة, هو قرار يكفله قانون الإجراءات الجنائية لـ”القاضي” فمن حقه إجراء المحاكمة في جو قانوني آمن.. كما أنه من الممكن أن تكون هيئة المحكمة استشعرت وجود خطورة من بث أو إذاعة ما يدور بالجلسة على الأمن العام.
الإذاعة.. تحاصر الإخوان سياسياً
وقال البرلماني السابق ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل, لـ”العربية نت”, إن قرار منع بث المحاكمة, ربما يرجع لأسباب تتعلق بالأمن القومي للبلاد, إذ إن ردود فعل مرسي غير مضمونة ولا مأمونة, وتصرفاته انفعالية.
وأضاف “الشهابي”, إنه كان يتمنى إذاعة الجلسات على الهواء مباشرة, لأن بثها مفيد سياسياً.. إذ أن النيابة العامة ستقدم الأدلة والبراهين التي تسند الاتهامات المنسوبة إليه.. ومن ثم.. يساعد نقل المحاكمة تلفزيونيا, في حصار الإخوان ونبذهم اجتماعياً, لأن التهم المنسوبة لمرسي وأعوانه يخجل منها أي تنظيم سياسي.
منع البث لا ينتهك حقوق الإنسان
وأشار الناشط السياسي حازم منير العضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان, لـ”العربية نت”, أن الأصل في المحاكمة “العلانية”.. وهي متوفرة بحضور المتهمين ومحاميهم, والادعاء, والقضاة أنفسهم.
وأضاف منير: إذاعة المحاكمة أو عدم إذاعتها.. هذا شأن يقرره رئيس المحكمة.. وهذا القرار بالمنع, لا يتعارض مع “حقوق الإنسان”, ولا يشكل انتهاكا لها مضيفا أنه في أغلب ولايات أميركا, يتم منع دخول كاميرات فوتوغرافيا إلى قاعات المحاكم, ويتم استدعاء فنانين (رسامين), لرسم صور تعبيرية عن مجريات المحاكمة.
معلومات مرسي.. وتصدير البلبلة للشارع
وانتقد الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة, في تصريح لـ”العربية نت”, المعالجات الإعلامية التي تقوم على المقارنة بين محاكمتي مبارك, ومرسي, وافتراض إمكانية تكرار سيناريو محاكمة مبارك بنفس التفاصيل.. وهو أمر صعب.. خاصة أن أنصار مرسي يتوعدون ويهددون.
وأضاف العالم: “قد يكون السبب وراء منع الإذاعة والنشر هو امتلاك مرسي لمعلومات قد يفجرها على الهواء, بما يضر بالأمن العام أو أن يستغل “العلانية” في إحداث وتصدير البلبلة للشارع المصري بالتحدث في موضوعات مختلقة.
الدور التكتيكي المعيب للبث الإلكتروني
وأردف العالم: بشكل عام هناك حالة من الارتباك والشائعات والتفسيرات والتأويلات في الشارع المصري, الأمر الذي قد يجعل من إذاعة المحاكمة مادة خصبة لتغذية ما سبق.
ونبه العالم إلى الدور التكتيكي المعيب للتكنولوجيا الإلكترونية.. مفسراً.. بانه يمكن في حالة إذاعة المحاكمة.. أن يتم اقتطاع أجزاء منها بشكل انتقائي, ونشرها عبر “وسائل البث الإلكتروني”, بما يخدم أحد الأطراف.. وفي هذه الحالة يكون منع البث وسرية المحاكمة, أفضل بكثير من بثها.