الهزات الارتدادية لزلزال الفساد الذي ضرب تركيا عبرت حدودها الشرقية مع الجارة إيران وأزاحت الستار عن أنشطة الملياردير الإيراني العضو السابق في الحرس الثوري والقريب من مراكز القرار بأعلى مستوياتها، بابك زنجاني، وذلك بعد أن اعترف رضا ضراب، رجل الأعمال الإيراني المعتقل في تركيا برشوة وزراء أتراك وأبنائهم وتبييض الأموال، بأنه مجرد موظف لدى رئيسه بابك زنجاني، حسب ما ذكرته صحيفة “تودي زمان”.

أما موقع صحيفة “زمان الاقتصادية” التركية فكشف عن منع السلطات التركية، أمس الأربعاء، طائرة تابعة لخطوط “قشم أير” الإيرانية التي يمتلكها بابك زنجاني والقادمة من طهران، من الهبوط في مطار “صبيحة” في إسطنبول، حسب سلطات الطيران المدني التركي.b1

وسبق أن ذكرت صحيفة “هابرتك” التركية أن الملياردير الإيراني بابك زنجاني كان محظوظاً جداً لأنه لم يقع في يد السلطات بعد أن كان من المقرر أن يتوجه إلى أنطاليا التركية للقاء رضا ضراب في أحد الفنادق الفخمة قبيل اعتقال الأخير.
اتصالات عبر البريد الإلكتروني

وكشفت الصحيفة بالاستناد إلى تقارير الشرطة أن الاتصالات بين الملياردير ورجل الأعمال الإيرانيين كان يتم عبر البريد الإلكتروني فقط ولم يتحدثا عبر الهاتف النقال أبداً.b2

وأضاف التقرير أن زنجاني كان قد قرر دخول الأراضي التركية بجواز سفر مزوّر، ولكن سبقته أحداث الفضيحة المالية في تركيا فأقدم على إلغاء زيارته.

وكان زنجاني وضراب التقيا سابقاً في مدينة تبريز، عاصمة إقليم أذربيجان الإيراني، حيث ينتميان إلى القومية التركية الأذربيجانية، وبعد ذلك أصبح ضراب، الذي تخلي عن جنسيته الإيرانية وتجنّس بتركيا واختار لقب صراف، يعمل وينشط لصالح زنجاني بعد أن كان يمتلك شركة صرافة في دبي، ولكن منذ عام بدأ فرع مكافحة التهريب والجرائم المنظمة في شرطة أنقرة يراقب ضراب والعاملين معه.

وكتبت صحيفة “حريت” التركية أن السلطات كانت قد استجوبت ضراب في عام 2012 على خلفية الكشف عن حمولة ذهب كانت في طريقها لإيران لصالح شركة “سورينت” التي يمتلكها بابك زنجاني.
ضراب المتهم الرئيس في ملف الفساد

يُذكر أن رضا ضراب هو المتهم الرئيس في ملف الفساد المالي بتركيا، وهو متهم برشوة أعضاء في الحكومة التركية منهم وزير الاقتصاد الذي قدم استقالته أمس مع وزراء آخرين (وهو متهم برشوة قدرها 40 مليون دولار) ومدير “خلق بنك” (7.7 مليون دولار).b3

واسم ضراب هذا معروف في تركيا وإيران بسبب زواجه من المطرية التركية المعروفة أبرو كنتش، التي قامت بزيارة إيران عدة مرات. وهو من مواليد 1983 في مدينة تبريز، حيث ينحدر من أسرة ثرية تنشط في مجال الذهب والأسهم والحديد، وانتقلت أثناء الحرب العراقية الإيرانية إلى دبي وبدأت أنشطتها في مجال الصرافة والتجارة قبل أن تنقل نشاطها إلى الأسواق الواعدة في تركيا.

وكشفت تقارير صحافية عن العثور على حقيبتين في حديقة الفيلا التي يمتلكها ضراب تحتويان على وثائق سرية تتعلق بمناقصات حكومية ومؤسسات اقتصادية تركية.

وضراب المتهم برشوة وزراء أتراك ومدير مصرف “خلق بنك” الحكومي استطاع أن يفتح فجوة في العقوبات المفروضة على إيران وأن يمهد الطريق لبيع النفط مقابل الذهب في عملية معقدة تمت عبر 11 شركة وهمية تأسست في الصين وتركيا.

والاتهام الآخر الذي يواجهه ضراب يتعلق بالعثور على 1.5 طن من الذهب في طائرة متوجهة من غانا إلى إسطنبول قبل التوجه إلى بلد ثالث. في واقع الأمر بدأت المشاكل تلاحق ضراب منذ ديسمبر عام 2011 على خلفية اعتقال مواطن إيراني في مطار موسكو كان يحمل معه حمولتين من النقود بقيمة 14.5 مليون دولار و4 ملايين يورو. وأصبح ذلك أول الخيط الذي أوصل المحققين إلى رضا ضراب، وهو متهم أيضاً بنقل 87 مليار يورو خلال أربعة أعوام لصالح إيران بغية الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.

ولكن في نهاية المطاف اعترف ضراب بأنه يعمل بإمرة بابك زنجاني، حسب المصادر الصحافية ونقلاً عن الشرطة التركية.
زنجابي.. القريب من السلطات الإيرانية

أما بابك زنجاني، القريب من السلطات الإيرانية، فهو من مواليد 1971 ويزعم أنه يمتلك 70 شركة وأكبرها وأشهرها هي “هولدينج سورينت قشم” و”مصرف الاستثمار الإسلامي الأول” في ماليزيا و”المؤسسة الاعتبارات المالية” و”مصرف أرزش” في طاجكستان بالإضافة إلى شركات أخرى في كل من تركيا ودبي وطاجكستان، بحسب زعمه.b4

وخلافاً لاتهامات المعارضة التي ترى في زنجاني واجهة لأموال حكومية أو شخصيات عُليا في السلطة وتتهمه بالمشاركة المسلحة في مطاردة المحتجين على انتخابات عام 2009 ، إلا أنه يقول حول مشواره إلى المليارات إنه بدأها مع الخدمة العسكرية في مقر قيادة الحرس الثوري بمدينة أردكان، لينتقل كجندي مكلف من قبل الحرس إلى العمل في البنك المركزي، ثم يصبح سائقاً لمدير السابق للبنك محسن نوربخش قبل وفاته. ومن هناك تحول إلى وسيط للبنك وسوق العملات الصعبة، وهكذا بدأ مشوار المليارات، حيث تقدر الثروة التي كونها خلال أقل من عقدين بـ28 مليار دولار.

وفي ديسمبر 2012 أضاف الاتحاد الأوروبي اسمه إلى القائمة السوداء واتهم 15 من شركاته بلعب دور محوري في الالتفاف على العقوبات ونقل إيرادات بيع النفط الحكومة الإيرانية.

وفي أبريل 2013 أضافت الخزانة الأميركية الشركات التي يمتلكها زنجاني إلى القائمة السوداء، وحذر نائب رئيسها في شؤون الإرهاب السلطات الإيرانية بالقول: “نحن سنُفشل ونفضح محاولات إيران للالتفاف على الحظر الدولي واستغلالها الأنظمة المالية الدولية عبر بابك زنجاني أو دميتري كامبيس أو أي شريك آخر في الجريمة دون هوادة”.

b5وهكذا بدأ اسم بابك زنجاني يتردد في الصحافة الإيرانية والتركية ودوره في الفضيحة المالية في تركيا عبر رضا ضراب، وعن علاقتهما بشراء كبار الشخصيات في إسطنبول وأنقرة بغية مساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات المفروضة عليها.

وتبحث الشرطة التركية عن سيدة إيرانية تُدعى كاميليا جمشيدي التي هربت من البلاد، ويبدو أنها هي الأخرى على علاقة بالملف نفسه.

يذكر أن أوساطاً حكومية إيرانية وبعض نواب البرلمان بدأوا في شن حملة هجومية على الملياردير بابك زنجاني، الأمر الذي جعل البعض يرى أن زنجاني قد يصبح كبش فداء، بعد أن كان يطلق على نفسه “الباسيج” الاقتصادي.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *