وجه العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كلاً من وزارة الداخلية ووزارة العمل، بإعطاء فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والإقامة في المملكة لتصحيح أوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه، ومن لم يقم بذلك يطبق بحقه النظام.
وسادت حالة من الرضا الشارع السعودي نتيجة الحملة التي تقوم بها وزارة العمل بالتعاون مع المديرية العامة للجوازات التابعة لوزارة الداخلية والهادفة لتنظيم سوق العمل في السعودية ومكافحة العمالة غير النظامية.
وطالب خبراء ومسؤولون عبر “العربية.نت” باستمرار الحملة دون توقف، متهمين جشع القطاع بالتسبب في خلق فوضى سوق عمل لا توجد في أي مكان في العالم.
من جهته، أكد المستشار في مكتب وزير الداخلية، الدكتور سعود المصيبيح، أن الحملة حققت الكثير من الأهداف، ويطالب باستمرارها، مشيراً إلى أنها “تأخرت حتى زادت فوضى العمالة والتستر لدرجة أنها عطلت حتى السعودة بشكل ملحوظ”.
1.7 مليون سعودي متضرر
وأشار المصيبيح إلى أن تأخر الحملة “تسبب في بقاء أكثر من مليون و300 ألف فتاة سعودية دون عمل، وقرابة 400 ألف شاب”. وأضاف “نحن الآن نطالب بأن تستمر الحملة، فخطوة وزارة العمل والجوازات خطوة مميزة جداً، وسببت رضاً كبيراً للمواطنين والمقيمين النظاميين”.
ويتابع المصيبيح “بحكم عملي في اختبارات القدرات، (قياس) تقدم لاختبارها هذا العام 600 ألف طالب وطالبة في الثانوية العامة، وهؤلاء سيتخرجون بعد أربع سنوات، وهذا يدل على أن لدينا عدداً هائلاً من الشباب والشابات بحاجة لفرص عمل، واستمرار العمالة السائبة وعدم الانضباط في نظام الهجرة كما في كل دول العالم سيؤثر عليهم مستقبلاً”.
ويشدد المصيبيح على أن كل دول العالم تطبق قوانين عمل صارمة، ومن حق السعودية أن تنظم سوقها الداخلي. ويضيف “في كل دول العالم هناك أنظمة عمل صارمة وقاسية ولا يستيطع العامل تجاوزها”.
وقال إن “وجود العمالة غير النظامية يؤثر في سوق العمل للجميع وفي جودة هذا السوق، ويتسبب بانتشار الفساد في البضائع”.
غياب الحرص على المصلحة العامة
وحذر المصيبيح من بعض رجال الأعمال الذين لا يحرصون على المصلحة العامة، وتتغلغل فيهم الماديات والبحث عن الربح التجاري، دون فتح المجال لأبناء الوطن في العمل.
وأشار الدكتور المصيبيح إلى التسهيلات التي يحصل عليها رجال الأعمال في السعودية، من كهرباء وماء ووقود بأسعار رخيصة، ومع ذلك لا يريد أن يوظف شاباً سعودياً، وإن فعل فهو براتب قليل وبلا حوافز، وهذا بلا شك أدى لما نجده الآن”.
ويقترح الدكتور المصيبيح دمج الوزارات المعنية بالتوظيف لتسهيل مهمة إحلال العمالة الوطنية في الوظائف، ويقول “حل مشكلة العمالة السائبة بأنه لا بد أن تكون جهة العمل في الدولة جهة واحدة عن طريق ضم وزارة العمل لوزارة الخدمة المدنية، وتكون وزارة للقوى العاملة، ويكون نظام العمل واحداً في الجهتين”.
واستنكر المصيبيح التفرقة بين الموظف الحكومي وغيره، حيث يتمتع بالمرونة في أوقات العمل والإجازات الطويلة، “بينما موظف القطاع الخاص يعاني من الضغوط العملية، والعمل لساعات طويلة وحتى في يوم الخميس، لا بد أن يكون نظام العمل في المكانين واحداً”.
تنظيم داخلي سيادي
ومن جانبه، يشدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي، الدكتور عبدالله العسكر، على أن الحملة جاءت لتحقق أهدافاً مهمة، مطالباً هو الآخر بألا تكون مقننة بوقت محدد.
ويقول لـ”العربية.نت” في نظري أن الحملة تأخرت، كان يجب أن تبدأ منذ فترة أطول، وأرجو أن تستمر، لأن السوق السعودي أصبح مختطفاً من قبل العمالة غير النظامية، فلا يوجد سوق في العالم يعاني من وجود أكثر من 4 ملايين عامل غير نظامي كما يحدث في السعودية، معتبراً أن المملكة تعاني من تخبط عمالي غير موجود في أي مكان في العالم.
ويتهم الدكتور العسكر القطاع الخاص بالتسبب في الفوضى الحالية إلى جوار التهاون في تطبيق القرارات ذات الصلة. ويقول “ما يحدث هو مسؤولية مشتركة بين جشع التجار وبين التهاون والتكاسل في تطبيق الأنظمة التي صدرت من المقام السامي أو الوزارات المعنية أو اللجان التشريعية في مجالس الشورى والوزراء”.وقال العسكر إن “ما يحدث هو تنظيم داخلي يقع ضمن حقوق الدول السيادية التي من حقها تنظيم سوق العمل فيها، ومن حقها أن تنتبه للبطالة بين الشباب، فالإجراء الأخير سيساهم في خفض نسبة البطالة”.
وعلق الدكتور العسكر “بعض رجال الأعمال يستخدمون العمالة الوافدة على السعودي، وهناك أعمال بالكامل في يد غير سعوديين ويتم التستر عليهم”. ويتابع “ما حدث الآن خطوة في الطريق السليم، والمواطنون يطالبون بأن تستمر دائماً، لأنها تسهم في إنقاذ أبناء الوطن من البطالة”.