التحقیقات حول أزمة الفساد المالي التي باتت تهز أركان الحكومة التركية وأدت إلى استقالة وزراء الاقتصاد والداخلية والبيئة تأخذ أبعاداً أوسع وتنتقل من الخلاف بين رجب طيب أردوغان وحليفه السابق الإسلامي الصوفي فتح الله كولن إلى الدور الإيراني في هذا الفساد.
وفي قائمة المعتقلين نرى اسم سليمان أصلان رئيس “خلق بانك” (بان الشعب) وإلى جانبه التاجر الإيراني رضا ضراب المتزوج من مطربة تركية، حيث لعب دوراً بارزاً منذ فترات طويلة وبعد إقامته في تركيا في نقل كميات كبيرة من الذهب التي تقدر بما يزيد على 10 مليارات دولار.
وقال مصدر على اتصال بأوساط حكومية تركية – رفض الإفصاح عن هويته لـ”العربية.نت” – إن دور فتح الله كولن يتلخص في الكشف عن هذا الفساد المالي، وإن الأمر أوسع من ذلك لأنه يزيح الستار عن محاولات إيران للالتفاف على العقوبات المفروضة عليها بسبب ملفها النووي، ولعب “خلق بانك” التركي الحكومي ورئيسه سليمان أصلان دور المسهّل لإيران لتحقيق هذا الهدف.
وكتب الصحافي التركي فهيم تاشكين لصحيفة “المانيتور” وفق التقارير المنتشرة بهذا الخصوص وأفاد بأن خلق بانك لعب دوراً ملموساً في الالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران، وفضلاً عن فتح الله كولن تسعى الحكومة التركية الآن للتأكد من دور كل من أميركا وإسرائيل في الكشف عن الفساد المالي.
وتدور التحقيقات الآن حول دور مدير “خلق بانك” بعد العثور على 4.5 مليون دولار نقداً في علب أحذية ببيته.
ويرى فهيم تاشكين أن زيارة مساعد الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الجرائم المالية ديفيد كوهين إلى تركيا تدخل في صلب تأثير ملف “خلق بانك” على العلاقات بين واشنطن وأنقرة بسبب إيران.
ووفقاً للعقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي على إيران منذ مارس 2012 لا يحق لطهران استخدام خدمة “سويفت” المصرفية لنقل الأموال، ولكن سلطت تقارير الصحافة الإيرانية والتركية الضوء على دور “خلق بانك” في اختراق هذا الحظر لصالح إيران.
شركات وهمية صينية
وحسب ما نشرته الصحافة التركية نقلاً عن تقارير الشرطة “ثمة شركات وهمية تم تسجيلها في الصين لإبعاد الشكوك فأصبحت أداة لتغطية الالتفاف على حظر نقل الأموال، ومن خلالها كانت إيران تدفع المبالغ المطلوبة إلى الشركات الوهمية الصينية مقابل شراء بضائع وهمية على أنها مستوردة من الصين”.
وكان المبلغ يتم تحويله مباشرة إلى شركات حقيقية ووهمية في تركيا لشراء الذهب، وبعد ذلك كانت تنقل عبر دولة ثالثة إلى إيران.
وحسب “المانيتور” يرى الخبير الاقتصادي التركي أوغور غورسس أن هذا الأسلوب المعقّد للدفع ناتج عن عجز تركيا عن دفع ثمن النفط والغاز المستورد من إيران عبر القنوات العادية، الأمر الذي دفعها إلى فتح حساب لإيران في “خلق بنك”، وكانت طهران تحول السيولة المودعة في هذا الحساب إلى ذهب تشتريه من الأسواق الدولية وتنقله إلى تركيا ثم إلى إيران.
يُذكر أن إيران استوردت خلال الأعوام الثلاثة الماضية ما يعادل 8 مليارات من الذهب عبر جارتها تركيا، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأميركية في يناير 2013 إلى فرض حظر تصدير الذهب إلى إيران ما جعل إيران أن تخزن في تركيا ما يعادل 13 مليار دولار من الذهب كانت اشترته قبل الحظر على الذهب.
وتقول “المانيتور” إن أقوال غورسس بهذا الخصوص تؤكده التحقيقات وعمليات التنصّت التي تمت في هذا المجال، وبالمقابل أقدمت الحكومة التركية على الدفاع عن نفسها والإظهار بأن هذه الإجراءات تهدف إلى الإضرار بـ”خلق بنك”.
ومن هذا المنطلق وصفت قناة “استار” القريبة من حزب العدالة والتنمية التركي الولايات المتحدة الأميركية بمصدر الهجوم على “خلق بنك”، حيث كانت أميركا طلبت إيقاف تصدير كمية من الذهب تقدر بـ 6.5 مليار دولار من تركيا إلى إيران، ومن ناحية أخرى كانت الهند قررت إيداع مبلغ 5.3 مليار دولار من الديون الإيرانية مقابل شراء النفط إلى طهران عبر “خلق بنك”، الأمر الذي أثار غضب الغرب.
الشرارة التي فجّرت مخزن البارود
ويبدو أن عملية رشوة وزراء وأبناء الوزراء كانت الشرارة التي فجّرت مخزن البارود وانجلت بعد ذلك محاولات إيران للالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل، حيث تفيد تحقيقات الشرطة التركية بقيام رضا ضراب الذي غير اسمه في تركيا إلى رضا صراف بعد حصوله على الجنسية التركية بفتح قنوات مع وزراء وأبنائهم في حكومة أردوغان، فقام بإيجاد طريقة لإرسال الملايين من الدولارات إلى إيران ودفع ملايين الدولارات كرشوة إلى مسؤولين كبار من قبل وزير الاقتصاد التركي ظفر شاغلايان، 40 مليون دولار ومدير “خلق بنك” سليمان أصلان 7.7 مليون دولار.
يُذكر أن والد التاجر الإيراني رضا ضراب قريب من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ويرتبط ضراب شخصياً بالملياردير القريب من كبار المسؤولين الإيرانيين بابك زنجاني، فمن هذا المنطلق بدأت الصحافة وسائل الإعلام الإيرانية توجه أصابع الاتهام إلى بابك زنجاني كداعم رئيسي لرضا ضراب، وترى أن زنجاني الذي أصبح يمتلك المليارات بين ليلة وضحاها في بلد يعاني من الحظر الاقتصادي والعقوبات ما هو إلا واجهة للسلطة، فهو ملياردير لتصريف الأعمال والقرارات تتخذ له من خلف الكواليس.
وتؤكد كافة التقارير التركية والإيرانية أن رضا ضراب هو المتهم الأول في ملف الرشوة وغسل الأموال في إطار عملية معقدة تمتد خيوطها من بكين إلى أنقرة مروراً بطهران، وتهدف في الأساس إلى كسر الحظر المفوض على إيران والالتفاف على العقوبات الاقتصادية التي تعاني منها إيران.
أردوغان وكولن
وسطع نجم ضراب الإيراني أو صراف التركي فجأة في عام 2008 في تركيا بعد أن كان يعمل مندوباً لصرافتي النفيس والسلام في دبي، وترى “المانيتور” أنه لا يمكن لشخص مثله أن يحقق نجاحاً باهراً في سوق الذهب ويقف وحده وراء 46% من الذهب الذي تصدره تركيا لولا الدعم اللوجستي والسياسي الذي كان يتلقاه في تركيا نفسها، ولكن اليوم وتزامناً مع نشوب الخلافات بين رجب طيب أردوغان وفتح الله كولن على خلفية إغلاق سلسلة مدراس خاصة يمتلكها الأخير كشف النقاب عن أنشطة رضا الضراب.
ويرى المراقبون أن هذه القضية متشعبة جداً ولن تبقى محصورة في الحدود التركية؛ لأنها كشفت دور الحكومة التركية في مساعدة طهران للالتفاف على العقوبات، الأمر الذي سيخلق أزمة بين أميركا وتركيا أيضاً.
( الحكومة التركية في مساعدة طهران للالتفاف على العقوبات، الأمر الذي سيخلق أزمة بين أميركا وتركيا أيضاً.)!!!
ليس هناك علاقات دائمه وانما هناك مصالح دائمه ….
هذا هو واقع السياسه التركيه – المصالح – على حساب اي شيئ , لا اعرف لماذا اردوغان يبيع المثاليات في الازمات الحاليه في تونس وسوريا ومصر والعراق ؟