(CNN)– تختلف التقديرات الرسمية عن الشعبية بمصر، إزاء القرار الأمريكي بتجميد بعض المساعدات العسكرية، في أعقاب ما تعتبرها واشنطن أعمال قمع متظاهرين من أنصار الرئيس “المعزول”، محمد مرسي، ومطالبتها بسرعة الانتهاء من العملية الديمقراطية.
فعلي الصعيد الشعبي، والذي عبرت عنه بعض التيارات والقوى السياسية، رأت أن تجميد المساعدات يخل باتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، وأن الولايات المتحدة هي “الخاسر الأكبر” لعلاقتها الاستراتيجية مع مصر، مشيرين إلى أن المعونة تمس سيادة البلاد، وأنها بمثابة ورقة ضغط أخيرة، وأن وقفها سيجعل القرار المصري “أكثر استقلالية وتحرراً.”
أما علي المستوي الرسمي، فقد بدا هادئاً، حيث لم يكن هناك رد فعل من مؤسسة الرئاسة والقيادة العسكرية، باستثناء مجلس الوزراء، الذي أعلن استغرابه من صدور هذا القرار، في التوقيت الذي تخوض فيه مصر “حرباً ضد الإرهاب”، بينما وصفته الخارجية بـ”القرار الخاطئ، من حيث التوقيت والمضمون.”
واعتبر نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عماد جاد، أن القرار الأمريكي يؤكد قناعته بأن قيادة الجيش لا تسمع لما يحاول الأمريكيون إملاءه، أو يتفاهم معهم بشأن تنفيذ رغباتهم بمصر، وهو قرار سياسي يعكس موقفاً سلبياً من الإدارة الأمريكية، عقب 30 يونيو/ حزيران الماضي.
وأضاف المحلل الاستراتيجي، أن رد الفعل الهادئ من السلطات المصرية يؤكد بأن القرار كان متوقعاً، وأنهم كانوا يتحسبون له، ويستعدون بوجود بدائل، ولديهم طمأنة من دول عربية وخليجية، لتعويض هذا الأمر.
كما اعتبر أن القرار يخل باتفاقية السلام، حيث بدأت مصر بالحصول على هذه المساعدات عقب توقيع الاتفاقية، وهو ما جعل مصر تتخلى عن إدخال قوات بالمنطقة الحدودية (ج)، وهو ما يجعلها تطالب بتعديل الاتفاقية بشأن هذه المنطقة، ذلك على الرغم من أنه حق قانوني لا يرتبط بالمعونة.
واستبعد جاد أن يكون القرار الأمريكي مرتبطاً بتنفيذ خارطة المستقبل، وقال إنه جاء لمجاملة التنظيم الدولي للإخوان، الذين كانوا متفاهمين مع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وكان يمكنه الانتظار حتى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، كما أن الحديث عن أن القرار مرتبط بالميزانية ليس دقيقاً، حيث لم يطبق بالمرحلة الانتقالية الأولى.
من جانبه، قال الخبير العسكري، اللواء حمدي بخيت، إن الولايات المتحدة ارتكبت خطاً استراتيجياً بالعبث في منطقة المصالح الأمريكية مع مصر، والتي ترتبط بمحاور كثيرة، كما اتهم الإدارة الأمريكية بالتخلي عن دورها الداعم والضامن لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية.
وأشار بخيت، إلي وجود قلق من القرار الأمريكي داخل إسرائيل، التي عبرت عن قلقها من مخاوف أن تدفع مصر لأن تحصل على متطلباتها من التسليح من أي مكان آخر في العالم.
وقال إن عدم وجود رد فعل من داخل المؤسسة العسكرية، يؤكد أنه لا توجد مشكلة لديها من هذا القرار، لكن رد الفعل الشعبي والسياسي كان قوياً في هذا الاتجاه، إذا أن الولايات المتحدة تسعى إلى التأثير على الدولة وقياداتها العسكرية، بعد فشل مشروعها بالمنطقة، عقب ثورة 30 يونيو/ حزيران.
وأضاف الخبير العسكري أن “العلاقة العسكرية توفر مزايا استراتيجية للولايات المتحدة، والتي قد تصبح محل مراجعة”، منها حق المرور من قناة السويس، والخطوط الجوية، وبعض أمور أخري.
وأوضح أن الضرر الواقع على مصر يتعلق بقطع غيار الأسلحة، ومنها التي تخص القوات الجوية فقط، وهو ما يمكن للكوادر المصرية أن تتغلب عليها، إما بالتصنيع هنا، أو من خلال تقنيات تستورد من دول صديقة، وهو ما يحتاج إلى إرادة سياسية، ربما أوجدتها الحالة المصرية الحالية.
أما تامر هنداوي، منسق حملة “امنع معونة”، فقال إن القرار الأمريكي مجرد تهديدات بغرض استمرار مصر في تبعيتها من خلال فرض شروط، لافتاً إلى أن أمريكا هي الخاسر الأكبر من قرارها، ولكنه يري أنه يصب في صالح إلغاء الاتفاقيات المكبلة للتحرر الوطني، خاصةً فيما يتعلق بالشق العسكري.
وقال إن المساعدات العسكرية الأمريكية تجعل الجيش المصري كتاباً مفتوحاً للجانب الأمريكي، وتحرمه من تنويع مصادر سلاحه، بما يضمن التفوق العسكري لإسرائيل، كما أن نحو 45 في المائة من قيمة المعونة المادية، تذهب للشركات الأمريكية بشكل مباشر.