بدأت الدولة التركية حواراً حساساً مع زعيم التمرد الكردي، عبدالله أوجلان، المسجون مدى الحياة وذلك لأول مرة منذ 13 عاماً، وذلك بهدف إنهاء نزاع مسلح مستمر منذ أكثر من 30 عاماً في جهود لقيت ترحيب المجتمع المدني بالرغم من نتائجها غير المؤكدة.
وترمي المبادرة إلى نزع سلاح آلاف المتمردين في حزب العمال الكردستاني المحظور الذين يواجهون قوات أنقرة منذ 1984.
وتجري أجهزة المخابرات التركية المحادثات، التي أكدها رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، مع أوجلان الذي يمضي عقوبة سجن مدى الحياة على جزيرة أمرالي (شمال غرب) منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول.
وللمرة الأولى منذ سجنه قبل 13 عاما تمكن أوجلان، الخميس الماضي، من مقابلة نائبين من الحزب الرئيسي المناصر للأكراد “حزب السلام والديموقراطية”، علما أنه لم يكن يُسمح له إلا بمقابلة أفراد عائلته ومحاميه.
وأحد هذين النائبين أحمد ترك رفيق الدرب القديم لأوجلان، الذي يعتبر شخصية معتدلة في إطار القضية الكردية. وقال ترك لمقربين “هذه المرة أنا متفائل، لدي أمل بالفعل” على ما نقلت الصحف.
واكتفى الحزب في اتصال بالقول إن اللقاء كان “إيجابيا”، مشيرا الى أن إعلانا سيصدر في الأيام المقبلة.
وأعربت القيادية في الحزب، بروين بولدان، عن اقتناعها بأن الحوار يصب في مصلحة إنهاء المعارك بين القوات التركية والحركة الكردية في جنوب شرق البلاد حيث الأكثرية من الأكراد.
ويسود التفاؤل تركيا حيال هذه المبادرة التي اتخذتها الحكومة الإسلامية المحافظة لإنهاء أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل أكثر من 45 ألف قتيل منذ 1984.
وردد كتاب الصحف، السبت، أصداء هذا التفاؤل، محذرين من “استفزازات” يمكن أن تبدر بشكل خاص عن مجموعات متشددة في حزب العمال الكردستاني قد لا تنفذ أوامر زعيمه.
وكتب حسن جمال الضليع في القضية الكردية في صحيفة ميلييت “نعم اريد ان اكون متفائلا”. واعتبر انه “اذا مضى الاطراف قدما بشجاعة وبقناعة سياسية وجدية في هذه الطريق (…) فستتخلص تركيا اخيرا من جرحها الاكثر نزفا”.
وتبرز الإشكالية السياسية الوحيدة لدى قوميي حزب العمل القومي الذي يعتبر الكتلة الثالثة في البرلمان التركي والذين نددوا “بخيانة”.
وفي 2009، حاولت الحكومة التركية فتح حوار مع قادة حزب العمال الكردستاني انتهى بالفشل وأدى الى تجدد المعارك.
لكن الحكومة تريد هذه المرة التقدم بخطوات مدروسة على أمل تجنب تخييب الآمال في بلاد أتعبتها المعارك الدامية منذ ثلاثة عقود.
وصرح مصدر مقرب من الحكومة التركية لفرانس برس “إنها عملية ستستغرق عدة أشهر، وينبغي عدم توقع نتيجة ملموسة فورية”.
والمفاوضات بين أنقرة وأوجلان تتسم بحساسية بالغة إذ إن القيادة العسكرية لحزب العمال الكردستاني المرابضة في شمال العراق خالفت في الماضي توصيات أوجلان واعتمدت خطاً أكثر تشددا.
وأقر مستشار رئيس الوزراء التركي يلتشين اردوغان بأنه لا يمكن تجاوز اوجلان في هذا الملف. لكنه شكك في نفوذه لدى الفي ناشط متمركزين في الجبال العراقية.
ويرى المحللون إنه حتى إذا قرر الحزب التخلي عن السلاح فذلك لن يكفي لحل المشكلة التركية التي تشكل ملفا معقدا ينبغي معالجته بإجراءات سياسية تصب في صالح الأقلية الكردية التي تضم بين عشرة ملايين و12 مليون نسمة في تركيا من أصل السكان البلغ عددهم 74 مليونا.