تصاعدت حدة الأزمة التي ضربت العلاقات المصرية التركية في الآونة الأخيرة, على خلفية الموقف التركي الرسمي المناصر لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي, ضد السلطات المصرية الحالية.
وفي تطور جديد، أعلنت الرئاسة المصرية مساء الأربعاء عزمها على إعادة تقييم ومراجعة العلاقات المصرية مع تركيا. وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية, إن التقييم يأتي رداً على المواقف المتناقضة للحكومة التركية, والتصريحات الأخيرة لرئيسها رجب طيب أردوغان, المنطلق من رؤية حزبية ضيقة, تدفع العلاقات التاريخية بين البلدين إلى طريق لم تكن مصر تريده بل حرصت على تجنبه.
ويذكر أن مصر وتركيا قد تبادلتا استدعاء سفرائهما بالدولتين للتشاور, يوم 15 أغسطس الماضي, عقب قيام قوات الأمن المصرية بفض اعتصام أنصار مرسي بميداني “رابعة العدوية” و”النهضة”, وهو ما وصفه مسؤول تركي في حينه بـ”القمع الدموي”.
وقد عاد السفير التركي للقاهرة مع بداية شهر سبتمبر الماضي, دون أن يعود السفير المصري إلى أنقره حتى الآن.
مراجعة المواقف العدائية التركية
الدكتورة أميرة الشنواني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعضو مجلس إدارة المجلس المصري للشؤون الخارجية, أشارت لـ”العربية.نت” إلى أنه في ظل استمرار التصريحات التركية المعادية لمصر وشعبها وثورتها المجيدة في 30 يونيو، يكون طبيعياً أن تتوقف مصر لمراجعة هذه المواقف العدائية، فضلاً عن عقد التنظيم الدولي للإخوان المسلمين لمؤتمرات واجتماعات على أرضها, والتخطيط لزعزعة الأمن في مصر, وأيضاً محاولات تركيا لاستعداء الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية ضد مصر وحكومتها وشعبها.
وأوضحت الشنواني أن “إعادة تقييم العلاقات” مع تركيا, تعني قيام مصر بتجميع هذه المواقف العدائية التركية ومراجعتها، وقد تقرر مصر عدم عودة سفيرها إلى أنقرة، وقد تلجأ إلى تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي لدى تركيا إلى درجة أدنى من السفراء, ليكون بمستوى “وزير مفوض”, أو قد يصل الأمر إلى مجرد “قائم بالأعمال”.
وأردفت الشنواني: “في بعض حالات التأزم الكبير للعلاقات بين أي دولتين، يتم قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما مع تكليف سفارة إحدى الدول الأخرى برعاية مصالح كل من الدولتين لدى الدولة الأخرى.
وأنهت الشنواني حديثها بأنها لا تتمنى قطع العلاقات مع تركيا، كما أن مصلحة الأخيرة بأن تبقى على علاقات جيدة مع دولة كبيرة ومحورية وعظيمة مثل مصر.
المناورات الحربية.. والاستثمارات التركية
ومن جانبه أوضح الخبير بالقانون الدولي الدكتور أيمن سلامة، الأستاذ بجامعة القاهرة, لـ”العربية.نت”, أن لدى مصر العديد من الأوراق الرابحة التي يمكن من خلالها الضغط على تركيا.
أولها: وقف وتجميد سائر أشكال التعاون العسكري بين مصر وتركيا, خاصة المناورات الحربية المشتركة, والتي بدأت بين الدولتين من عشرة أعوام.
وثانيها: الاستثمارات التركية وانتقال رؤوس الأموال التركية في مصر, وذلك بإعادة النظر في التسهيلات والمشروعات التي تحصل عليها الدولة التركية في العديد من المناطق الصناعية وغيرها, وذلك لرخص تكلفة العمالة المصرية.
وحدد سلامة الورقة الثالثة, بأنها “البعد الثقافي” المتنامي في الآونة الأخيرة, وتتمثل في الإعلام التركي والمسلسلات التركية والمعارض والمنتديات الثقافية التركية التي تروج للدولة التركية بشكل مباشر. لذلك فإن فرض القيود على هذه الأنشطة سيؤثر بشكل كبير على القرار والخطاب السياسي الصادر من تركيا تجاه مصر.
ولفت سلامة إلى أن الاستثمارات التركية بدول الخليج العربي, يمكن أن تتأثر بالتوتر السياسي الحادث بين مصر وتركيا, ما قد يصيب تركيا بخسائر كبيرة.
الإشادة بعلامة رابعة.. والشرعية
وكان أردوغان قد أشاد مؤخراً, في كلمته أمام اجتماع تشاوري لحزب “العدالة والتنمية” بـ”إشارة رابعة”, ووصفها بأنها أصبحت علامة تندد بالظلم والاضطهاد والمذابح في كل أنحاء العالم.
هذا بالإضافة إلى بيان للخارجية التركية صدر قبل يومين, أكد على وقوف تركيا إلى جانب “الشرعية” بمصر, في إشارة تضامنية مع الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي, وطالب البيان بالإفراج عمن سماهم بـ”السجناء السياسيين”, بمن فيهم مرسي.
ودانت الخارجية المصرية البيان التركي وتصريحات أردوغان, باعتبارهما تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي المصري.