لا يكاد يمر يوم بلا توتر في سجن رومية اللبناني، الذي ذاع صيته لما يختزنه من قضايا للسجناء، ولاسيما تلك المتعلقة بموقوفين إسلاميين، وتفاقم الوضع مع الثورة السورية حيث تشير بعض المعلومات إلى انخراط بعض السجناء في إدارة العمليات القتالية للمعارضين.
ويضمن سجن رومية حوالي 150 موقوفاً إسلاميا تم اعتقالهم على خلفية انتمائهم إلى تنظيم فتح الإسلام الذي قاتل الجيش اللبناني في 2007. ويقطن هؤلاء الموقوفون المبنى “ب” من السجن الذي جعلوا منه “إمارة” خاصة بهم، بحسب ما أفاد به رئيس “جمعية أخوية السجون” مروان غانم لـ”العربية.نت“.
وبعد مرور ست سنوات على سجنهم بدون محاكمة تفاقم وضع هؤلاء وامتد نفوذهم من داخل السجن إلى خارجه وعبر الحدود إلى سوريا.
وتتحدث بعض التقارير الصحافية عن أن المبنى “ب” – الذي يحوي إلى جانب الموقوفين اللبنانيين سوريين وفلسطينيين – انغمس في الحراك في سوريا وتحول إلى مركز قيادة لـ”جبهة النصرة” التي تقاتل نظام الأسد في سوريا. ويتواصل هؤلاء مع التنظيم في لبنان وسوريا عبر شبكة الإنترنت.
تعاطف الموقوفين مع الثورة السورية
إلا أن أبو وليد، وهو أحد الموقوفين من” فتح الإسلام”، أكد في اتصال مع “العربية.نت” أن الكلام عن أن المعارك في سوريا تدار من سجن رومية عار عن الصحة. وشرح أنه “من الطبيعي أن يتفاعل السجناء مع إخوانهم في سوريا لما يتعرضون له من ذبح وتهجير وهتك أعراض، خاصة أن بعض المسجونين هم من التابعية السورية”.
واعتبر أبو وليد أن البعض يسوق الاتهامات بحق الموقوفين ويحاول إلصاقها بهم، ليتناسى قضية التأخير في محاكماتهم أكثر من ست سنوات.
من جهته شرح الشيخ بلال دقماق لـ”العربية.نت” أن الكثير من موقوفي “فتح الإسلام” يتبعون أيديولوجياً لـ”جبهة النصرة” في سوريا وهم يؤيدون الأفكار الجهادية للتنظيمات الإسلامية، وتابع قائلاً: “لذلك نرى أن كل الذين فروا مؤخراً من السجن ومن بينهم موقوفون لبنانيون اتجهوا إلى السوريا للجهاد. لكن لا يتعدى الأمر أكثر من ذلك”.
في هذا السياق أكد رئيس لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين الشيخ نبيل رحيم لـ”العربية.نت” أن الكلام على أن بعض الموقوفين الإسلاميين يديرون عمليات من داخل السجن بالتنسيق مع عناصر “جبهة النصرة” ليس صحيحا.
كما أقر أن بعض الموقوفين قد يكونون تابعين أيديولوجيا إلى هذا التنظيم “لكنهم ليسوا مرتبطين تنظيميا به”، حسب تأكيده، مضيفاً أن البعض منهم “تعاطف مع الثورة السورية”.
امتيازات استثنائية لسجناء المبنى “ب”
وفي سياق متصل، أشار رئيس جمعية أخوية السجون الأب مروان غانم في حديثه لـ”العربية.نت” إلى أن “سجناء فتح الإسلام في القسم “ب” الذين بنوا إمارتهم الخاصة بهم في ظل تقاعس السلطة في الإدارة، يطبقون نظاماً أمنياً خاصاً، حيث يقومون بتأديب السجناء ويتعرضون للعناصر الأمنية”.
وعن قوة هذه المجموعة، قال غانم إنها تملك “سلاحا أبيض تستخدمه عند الحاجة”. وتحدث عن ارتباط بين داخل السجن ومجموعات في الشمال والجنوب والبقاع تنسق معهم وتثير الشغب عند الضرورة.
واعتبر غانم أن السلطة السياسية لم تأخذ تدابير بحق السجناء خشية الدخول في متاهات وافتعال المشاكل في بعض المناطق في لبنان، وشرح أن “حل هذه المسألة بسيط وهو يكون عبر المباشرة بالمحاكمات السريعة للموقوفين، الذين قبعوا في السجن منذ أكثر من ست سنوات”.
يذكر أنه منذ أسابيع عدة بدأت بعض المحاكمات وأطلق سبيل البعض ممن لم يثبت تورطهم بمعارك نهر البارد حينذاك.
في المقابل أكد مصدر رفيع في القوى الأمنية لـ”العربية.نت” أن “الكلام عن أن الموقوفين الإسلاميين يتمتعون بامتيازات استثنائية غير صحيح ومبالغ به”، مشدداً على دور الإعلام في تضخيم الأمور في هذه القضية بالذات.
كما أفاد المصدر بأن السلطات اللبنانية بدأت بتحسين السجن لتأمين ظروف عيش أكثر إنسانية للسجناء.