كشف خوان مانديز، مقرر الأمم المتحدة المكلف بمناهضة التعذيب، عن تقريره الختامي حول المغرب، على خلفية الزيارة الرسمية التي قام بها إلى المغرب الخريف الماضي.
وسجل الخبير الدولي ما أسماه بـ “استمرار بعض حالات المعاملات القاسية في القضايا الجنائية، ذات الصلة بالأزمات والاحتقانات الكبرى، وحالات أخرى محدودة ومعزولة تتعلق بقضايا الحق العام والتي لا تمارس على نطاق واسع أو بشكل ممنهج”.
في المقابل، دعا التقرير “المنتظم الدولي لتقديم دعم مالي وتقني، للجهود التي يبذلها المغرب، في مجال مناهضة التعذيب ومختلف أشكال المعاملة القاسية”.
وفي التقرير، الذي حصلت “العربية.نت” على نسخة منه، لاحظ مقرر الأمم المتحدة المكلف بمناهضة التعذيب، “وجود ميول إلى استعمال القوة في مواجهة الاحتجاجات” من قبل الرباط، مع اللجوء إلى “المعاملة القاسية تجاه المهاجرين غير الشرعيين الراغبين في الهجرة إلى أوربا”، ووجود “حالات ترحيل جماعي إلى الحدود، ومحدودية الإجراءات المتعلقة بفتح تحقيقات سريعة ومعمقة بشأن ادعاءات حالات التعذيب أو سوء المعاملة”.
نقائص السجون المغربية
وفي سلسلة الانتقادات التي وجهها للرباط، توقف المسؤول الأممي عند “تسجيل خصاصات على مستوى السجون”، ووجود حاجيات يجب تداركها في “المنظومة الصحية المتعلقة بالطب الشرعي، والتي تستدعي توفير الموارد، والإمكانات الكفيلة بإثبات حالات التعذيب وتوثيقها وتقييم دقيق للحالات المعروضة”، بالإضافة إلى وجود “نقص في الشروط الصحية في السجون المغربية، وضعف التغذية الملائمة، والاكتظاظ في غرف الاعتقال، والشروط القاسية لجناح المحكومين بالإعدام”.
ومن جهة ثانية، تضمن تقرير المسؤول عن مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة نقاطا حسبها المراقبون لصالح المغرب، ومن بينها “تعزيز حقوق الإنسان في الدستور المغربي الجديد”، ليوليو 2011، ما من شأنه المساهمة في منع التعذيب والوقاية منه.
وتوقف التقرير عند ما أسماه بـ “المخطط الاستراتيجي للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان”، التي اعتبرها مساهمة إضافية في منع التعذيب والوقاية منه، ولم يغفل المسؤول الأممي الإشارة إلى “شجاعة المملكة” في الإقدام على دخول ما تسمى بـ “تجربة العدالة الانتقالية”، التي ساعدت على “تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” في المغرب المرتكبة خلال النصف الثاني من القرن الماضي، مع دور هذه الآلية المعترف بها عالميا في “تنمية ثقافة جديدة لحقوق الإنسان”.
نظام للمراقبة عبر الكاميرات
وطالب المسؤول عن مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة السلطات المغربية بـ “ملائمة القوانين مع المعايير الدولية في موضوع التعذيب”، خاصة ما يتعلق بالقوانين الجنائية من “تعريف للتعذيب، وتحديد المسؤولية الجنائية، وضمانات المحاكمة العادلة”، وتعميم نظام المراقبة الإلكترونية لأماكن الحراسة النظرية للمتهمين.
وطالب التقرير الرباط، بالعمل على التوفيق بين ضمان الأمن والنظام العام، وبين حماية الحق في الحياة، والسلامة الجسدية للأشخاص أثناء تفريق المظاهرات الاحتجاجية، وتعزيز التعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، والإجراءات الخاصة المعنية باللجوء والهجرة.
زيارة مانديز بطلب من الرباط
وفي حديث لـ”العربية.نت”، كشفت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بالمغرب، أن زيارة خوان مانديز، مقرر الأمم المتحدة المكلف بمناهضة التعذيب، للمغرب في الخريف المنصرم، أتت بطلب من السلطات المغربية في سياق وفاء الرباط بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، فمن المنتظر أن تستقبل المملكة خلال السنة الجارية 3 مسؤولين تابعين للأمم المتحدة سيقومون برفع تقارير حول ملفات ترتبط بحقوق الإنسان.
وبحسب المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، فإن الرباط، “عكس ما تحدث عنه كثيرون”، “لا تخاف من الخضوع لأي تقييم موضوعي ومهني لأوضاع حقوق الإنسان بالمملكة المغربية، في إطار مسارها لاعتماد الدستور الوطني والمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان، وهي منفتحة على كل آليات الرقابة الدولية في إطار منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان”.