جهد سوري سعودي لاحتواء توتر لبنان والحريري يرتب زيارة قريبة لسورية

يشهد لبنان مناكفات بين الفرقاء السياسيين، جعلت العديد من المراقبين يعيدون احتمال التصعيد وخرق التهدئة إلى حساباتهم التي أهملت في وقت قريب مضى، يستند الموقف السابق على معطيات تدور حول إمكانية الجوار الإقليمي والدول المؤثرة أن تدلوا بدلوها علها تخلص لبنان من محنته أم لا.

يتفق الجميع على أن معادلة ( س- س) ما تزال قائمة، بل يذهبون إلى أبعد من ذلك بالتمني أن يصار إلى هذه المعادلة إنهاء ما يخطط للبنان في كواليس الغرف الدولية

في وقت أعلن فيه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري انه تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس بشار الأسد جرى خلاله البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والتطورات الإقليمية، كشفت مصادر لبنانية قريبة عن مساعٍ حثيثة قادها مستشار الملك السعودي، الأمير عبد العزيز آل سعود، لترتيب لقاء عاجل بين الأسد والحريري لإعادة العمل بالاتفاق السوري – السعودي أولا، وتبريد الساحة اللبنانية الداخلية ثانيا. ويشير هؤلاء الى ان تلك المساعي نجحت في انتزاع موافقة سورية على استقبال الحريري بشرط ان يصدر موقفا مماثلا لذلك الذي أعلنه في جريدة الشرق الأوسط السعودية، اي التأكيد على دور شهود الزور السلبي أولا وعلى دور المقاومة المحتضنة من قبل دمشق ثانيا، فضلا عن ضرورة طي صفحة الماضي القريب، والتأسيس الى مرحلة جديدة يتم فيها معالجة ملف شهود الزور بموضوعية وعقلانية بعيدا عن المماحكات السياسية.

ويعتبر هؤلاء ان دمشق نجحت في المحافظة على موقفها دون المساس بالجوهر الذي يؤدي الى تغيير المعادلة القائمة راهنا، وبالتالي فان مساعيها نجحت في إقناع الحريري بالاعتراف علنا بوجود شهود الزور، وبتأثير شهاداتهم سلبا على العلاقات اللبنانية – السورية، رغم التناقض بنية تيار المستقبل الضائع بين أجنحته الرافضة قطعا لمحاسبة شهود الزور وتاليا المؤيدة لاستمرار النهج التصعيدي بانتظار القرار الظني الكفيل بإعادة موازين القوى الى ما كانت عليه قبل فتح ملف المحكمة الدولية وكل ما يمت إليها بصلة، أم لناحية اللجوء الى محاكمة المرحلة السابقة التي جاءت نتيجة لممارسات السلطتين السياسية والأمنية . مع الإشارة الى ان مثل هذه المحاكمة تشكل انتحارا سياسيا لا بد من ان يتجرع الحريري سمه.

غير ان الأوساط عينها تلفت الى ان دمشق لا تبدو راغبة فعلا في الغوص بالشأن اللبناني الداخلي، وبالتالي فان زيارة الحريري المرتقبة قد تأخذ بعض الوقت لانجاز بعض الترتيبات السياسية المطلوبة واتخاذ الموقف النهائي من الملفات الساخنة على غرار كيفية التعاطي مع القرار الظني الأممي في حال صدوره، أو محاسبة شهود الزور، وهو موضوع ثابت وحاسم ومركزي بالنسبة الى سوريا، وذلك لان محاسبتهم تعني اعترافا بالاعتداء السياسي والمعنوي على دمشق، وبالتالي فإنها تعطي براءة ذمة لدمشق.

وابعد من ملف شهود الزور، يعرب هؤلاء عن اعتقادهم بان الموضوع برمته بات مرتبطا بأكثر من عامل ليس أولها تشابك العلاقة بين دمشق والرياض من جهة وبينها وبين طهران من جهة ثانية، بحيث تشكل المحافظة على الحريري وحضانته السياسية مطلبا سعوديا يرقى الى الحاجة الاستراتيجية فيما يؤسس استمرار حضانة حزب الله السياسية تقاطعا إيرانيا – سوريا لا بد من التمعن به لتظهير حقيقة الصورة.

وفي الموازاة تلفت المصادر الى حاجة المملكة العربية السعودية لكسب المزيد من الوقت للبحث عن مخرج مشرف لموضوع المحكمة الدولية