في جولة سريعة داخل الضاحية الجنوبية هذه الأيام، يكتشف الزائر حجم الاستنفار الأمني الذي يعيشه حزب الله الذي يسيطر على هذه المساحة الجغرافية جنوب العاصمة بيروت.
فإلى جانب نقاط التفتيش التي أقامتها أجهزة الدولة اللبنانية الرسمية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام على أكثر من 35 نقطة دخول إلى الضاحية الجنوبية من بين أكثر من 100 مدخل جرى إقفال البقية كإجراء أمني ولتخفيف نقاط التفتيش، تنتشر هذه الأيام نقاط تفتيش أخرى تابعة لعناصر وأجهزة حزب الله.
كل المداخل المؤدية إلى قلب الضاحية الجنوبية، تفاجئك نقاط تفتيش يقف عليها شباب ملتحون بلباس “زيتوني” موحد يحمل شعار إحدى بلديات الضاحية الجنوبية التي يصل عددها إلى أكثر من خمس بلديات، يحملون في أيديهم أجهزة اتصال لاسلكية متطورة، ويضعون وسط الطريق حواجز حديدية تقسم الشارع إلى قسمين، الأول مخصص للسيارات التي لا تثير الشكوك ويمكنها استكمال طريقها، والجزء الثاني مخصص للسيارات التي تثير الشكوك وتستدعي التدقيق في هوية صاحبها أو الموجودين في داخلها، إضافة إلى التدقيق بأوراق السيارة الرسمية وملكيتها.
سيارة دفع رباعي زجاجها داكن
وليس بعيدا عن عناصر نقطة التفتيش تقف سيارة “دفع رباعي” ذات زجاج داكن لا يعرف من في داخلها وعددهم، تضع على سطحها إشارة ضوئية ترسل إشارات زرقاء غالبا ما تستخدم من سيارات الشرطة الرسمية أو في المطاردات الأمنية. مهمة هذه السيارة مراقبة عمل عناصر نقطة التفتيش وتنبيههم إلى أي خطأ أو خلل يحدث في تأدية أعمالهم.
ومن مهمات الفريق الذي يستخدم سيارة الدفع الرباعي أيضا التحقق عبر شبكة اتصالات تسمح لهم بالدخول على داتا وزارة الداخلية، تحديدا دائرة تسجيل السيارات، وذلك من أجل التحقق من رقم وملكية أي سيارة تمر بهم أو على نقطة التفتيش من خلال مداخل رقم السيارة ومعرفة التفاصيل الكاملة عنها وعن مالكها المخزنة في داتا وزارة الداخلية.
في بعض نقاط التفتيش لا تتعدى المسافة التي تفصل بين النقطة التابعة للدولة اللبنانية ونقطة عناصر الحزب أكثر من 5 أمتار أو أقل، في عدد من النقاط الأخرى تتداخل الأمور لتصل إلى حد تشكيل فريق واحد يقفون على النقطة المخصصة للقوى الرسمية، خاصة تلك النقاط المخصصة لقوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية، في حين يرفض الجيش اللبناني هذا التداخل في النقطة الواحدة، ويغض الطرف عن النقاط التي تقام على بعد أمتار من مراكزه.
عناصر جوالة
نقاط التفتيش الأمنية التابعة لحزب الله لا تبعد عن نقاط التفتيش الرسمية أكثر من مئة متر في أحسن الأحوال، وتقام على مرمى ومرأى القوى الأمنية الرسمية من جيش وقوى أمن وأمن عام، من دون أي اعتراض، بل في ظل تنسيق كامل بين الطرفين وحتى في بعض الأحيان تصل الأمور إلى حد التعاون بينهما.
نقاط التفتيش لا تشكل كل الأمر، فهناك داخل الضاحية عناصر “جوالون” يستخدمون الدراجات النارية ويقومون بالتجوال في شوارع الضاحية الداخلية ويعمدون إلى إيقاف المارة والسيارات وكل ما يشكون أو يشتبهون به أو بتصرفاته.
الاستنفار الأمني لحزب الله لا يقتصر على نقاط التفتيش الجديدة التي تحولت إلى ظاهرة لافتة في الأيام القليلة الماضية، فهناك نقاط تفتيش ومراقبة ثابتة وضعها الحزب على التقاطعات الحساسة داخل الضاحية، لا تتدخل إلا في حالة الشكوك القصوى أو في حالة التوتر الأمني الشديد، في حين يكتفي عناصرها أو المكلفون بها بتمرير الوقت من خلال الحديث مع المارة أو التجمع في حلقة طعام يقومون على توفيره من المطاعم والمحلات المجاورة إضافة إلى الدعم اللوجيستي الذي يصلهم من الجهاز الذي ينتمون له في الحزب.
خروقات أمنية
الانتشار الأمني لحزب الله داخل شوارع الضاحية الجنوبية يكشف عن وجود مخاوف لدى هذا الحزب من إمكانية حدوث خروقات أمنية واستهدافات قد تقوم بها بعض الجماعات الإرهابية، خاصة داعش داخل الضاحية الجنوبية على غرار ما حدث في السنتين الماضيتين، وكان آخرها التفجير المزدوج الذي وقع في محلة برج البراجنة قبل أقل من ثلاثة أشهر.
التخوف الأمني لدى حزب الله يرتبط بشكل مباشر بمؤشر المعارك التي تشهدها الساحة السورية، وبالتالي فإن أحياء ومناطق الضاحية الجنوبية تشكل المساحة التي تستخدمها هذه الجماعات ردا على اتساع رقعة تورط حزب الله إلى جانب النظام السوري، وهو من أجل ذلك يحاول البقاء على حالة الاستنفار الدائم في صفوف عناصره وأجهزته الأمنية لمواجهة أي خرق قد يحدث من قبل هذه الجماعات.