عبر عدد من النشطاء السوريين عن استغرابهم للهجة التي تحدث بها “حزب الله” اللبناني، عن الرئيس السابق للاستخبارات السورية في لبنان، رستم غزالي، خصوصاً أن أمين عام الحزب كان سبق وكرمه بإهدائه “بندقية المقاومة” وجمعتهما صورة شهيرة. وسأل بعضهم: هل أصبح فاسداً بعد وفاته؟ قبل البندقية أم بعدها؟
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، والتابعة لـ”حزب الله”، قد نشرت تقريراً السبت تتحدث فيه عن موت رستم غزالي تحت عنوان: “رحيل والي لبنان”. وكان اللافت في التقرير المنشور وصف غزالي بأنه “عنوان لأخطاء الوجود السوري في لبنان”، وأن هذه الصورة ساهم هو برسمها، وكذلك “شركاؤه الذين انقلبوا عليه”.
وبعد تجاهل التقرير السالف، لمسألة تكريم “حزب الله” لغزالي، وإهدائه بندقية من يد أمين عام الحزب إلى يده مباشرة، يتحدث التقرير بالنيابة عن غزالي، قائلاً إنه: “لم يكن ينفي حصوله على مبالغ مالية من سياسيين ولا تورّطه بقضية بنك المدينة”. بل إن التقرير أشار تلميحاً إلى ما هو أكبر من فضيحة بنك المدينة بقوله: “ولا ما تعدّى ذلك إلى ما لا يقال”.
يشار إلى أن التقرير أشار إلى سلف غزالي في الاستخبارات، وهو غازي كنعان، واعتبر أن بعضاً ممن هاجموا غزالي “كانوا شركاءه وشركاء سلفه غازي كنعان في الحكم وفساده”، ما دفع بعض السوريين النشطين على مواقع التواصل يتساءلون: “هل كرّمتموه بسبب فساده أم لأنه والي لبنان؟”
وألمح بعض المراقبين إلى أن هذا التقرير الذي يصف غزالي بالفساد، بهذا الشكل العلني، قد يفسر بعضاً من غموض قصة الاعتداء على غزالي قبل وفاته. فأن يقوم “حزب الله” بهذا الهجوم على الرجل الذي سبق وكرّمه عبر أمينه العام، ووصفه بالفساد والتورط بقضية بنك المدينة، فهذا أولاً يُوقع الحزب بأزمة أخلاقية كونه يصف شخصاً بالفساد بعد أن سبق وكرّمه تكريماً لافتاً، وثانياً أن هذا الأمر لا يحدث إلا لأن الحزب قد تلقى إشارات من الداخل السوري، بأن غزالي أصبح خارج حسابات النظام، بدليل أن التقرير السالف ذكر أن الرئيس السوري: “لن يمدّد له (غزالي) في موقعه بعد مايو المقبل”.
من هنا، فإن الاعتداء على رئيس لشعبة الاستخبارات، في سوريا، من قبل شخصية هي من النظام نفسه، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا بإيعاز رسمي، أو شبه رسمي.
ما يعزز التكهنات بتصفية غزالي، لا موته. وبخاصة أن التقرير ذكر “توتّر” غزالي وهو في مكتبه، منتصف الشهر الماضي، وهو يتابع “ما يقال عنه في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري”، وبأنه كان “شديد التوتّر”.
فهل كان انقلاب “حزب الله” على رستم غزالي، تالياً لانقلاب النظام السوري عليه؟ وما الملفات التي سيتم تحميلها لضابط الاستخبارات السابق بعد وفاته، بعد انقلاب أقرب شركائه عليه وانقلاب النظام نفسه الذي كان غزالي جزءاً أساسياً فيه؟
يجمع مراقبون من الداخل السوري، ومن أطراف من داخل محافظة درعا السورية التي ينتمي إليها غزالي، على أن الأيام القادمة ستحمل ما اعتبروه “فضيحة” ليس فقط بحق النظام السوري، بل بحق “حزب الله” اللبناني نفسه الذي – حسب المصدر- تنصّل من “فساد غزالي” بعد أن كان الأخير يمثل شبكة اتصالات ما بين قصر الشعب في دمشق ودوائر الاستخبارات و”حزب الله” في لبنان.
ويضيف: “أغلب الظن أن تغييب غزالي هو إبراء للذمة وردّ لكل الشبهات التي باتت تطوق النظام السوري وحزب الله في قضايا كثيرة”.