كانت لجان تحضيرية تابعة لمرقدي الإمام الحسن بن علي والعباس بن علي رضي الله عنهما في العراق، أطلقت قبل بضعة أيام حملة تهدف لتغيير اسم محافظة بابل إلى “مدينة الإمام الحسن”، إلا أن حملة مضادة دعت إلى التمسك بالاسم التاريخي للمدينة، الذي يرمز إلى الحضارة البابلية، إحدى أبرز الحضارات التي شهدها وادي الرافدين، وجاء ذكره في القرآن الكريم.
وحسب وسائل إعلام عراقية فقد كان من المقرر أن تبدأ فعاليات مهرجان لهذه الغاية، يعقد لعامه التاسع، اليوم الاثنين 20 يونيو، ويستمر ثلاثة أيام حتى الأربعاء، الذي يصادف مولد الإمام الحسن رضي الله عنه، حسب التقويم الشيعي.
وذكر موقع تلفزيون “السومرية” نقلاً عن عضو اللجنة التحضيرية للمهرجان علي كاظم سلطان قوله إن “اللجان التحضيرية استكملت كافة التحضيرات الخاصة بالمهرجان، المزمع انطلاق فعالياته يوم الاثنين 14 من رمضان الموافق 20/6/2016 في مقام “رد الشمس” وسط مركز مدينة بابل، ولمدة ثلاثة أيام متتالية، تيمناً بحلول ذكرى ولادة كريم أهل البيت الإمام الحسن، وبمشاركة دولية ورسمية ومحلية”.
ولفت سلطان إلى أن المطالبة بتغيير اسم محافظة بابل جاءت بناء على دعوة كان قد وجهها المرجع الشيعي الأسبق السيد محسن الحكيم في زمانه بأن تسمى كل محافظة من محافظات العراق باسم أحد أئمة الشيعة، من أبناء وأحفاد الإمام علي بن أبي طالب.
حملة للدفاع عن الاسم التاريخي
لم يبقَ النقاش حول الاسم في دائرة ضيقة، بل انتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليثير جدلاً كبيراً حول اسم المدينة، وفي هذا الصدد نقل موقع “الغد برس”، نقلاً عن الناشط العراقي علي وجيه قوله: “مدينة عمرها 7 آلاف سنة، يعرفها العالم كله، ويقف لها استعداداً، كونها مهد الحضارة، وفي آخر الزمن يأتي عدد من روزخون (مسمى يطلق على رجال دين شيعة من الطبقات السفلى للتقليل من شأنهم.. وهو مصطلح فارسي يعني قارئ المآتم الحسينية) يريدون تغيير اسمها، ماذا يسمونها؟.. (الإمام الحسن).. الإمام الذي لم يصلها أبداً.”
ويضيف: “شيء لا يعقل، شعب يحطم تاريخه! إنها كارثة بحق أقدم إرث بالكرة الأرضية!.. كل العالم مهتم بالعراق، بسبب بابل وميزوبوتامبيا (بين النهرين) وسومر”.
وفي ردود الأفعال أيضاً يكتب ناشط آخر: “من المفترض أن تكون هناك حملة للحفاظ على الاسم مع احترامي للعتبات… من المفترض أن لا تكون لهم علاقة بهذه الأمور.. اسمها الحالي ليس فيه إشكال شرعي.. الاسم تاريخي وقبل العتبات أصلاً”.
اتهام الطائفيين بالسعي لتغيير الاسم
وفي بيان أصدره السياسي العراقي تيسير عبدالجبار الآلوسي ضد تغيير اسم بابل، حسب ما جاء في صفحته على “فيسبوك”، قال فيه: “بمناسبة بالون الاختبار الذي أطلقته جهات طائفية لتغيير اسم محافظة بابل التاريخية والرمز الأبرز المنتمي إلى حضارتنا الإنسانية وتراثها وجذورها البهية، أكتب هذه المعالجة نداءً ليكون حملة ضد محاولات طمس تلك الحضارة وتشويه رموزها بمنطق الخرافة مرةً وبادعاء البدائل لأسماء مقدسة، بينما لكل اسم احترامه ومكانه ومكانته في أنفس أبناء الشعب ولدى البشرية، ولا يمكننا أن نقبل تمرير لعبة تغيير الأسماء إلا بوصفها جريمة إبادة ثقافية وجريمة ضد التراث الإنساني ورموزه وجريمة بحق الأجيال الحاضرة والمستقبلية”.
وتوسّع الجدل بين المعارضين لتغيير الاسم والمؤيدين له، وانتشر في مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، إلا أن المعترضين استطاعوا أن يستقطبوا تأييد أغلبية العراقيين الذين أكدوا ضرورة الحفاظ على رموز أقدم حضارة بشرية أي حضارة بين النهرين بكل الوسائل والأدوات، معبرين عن استغرابهم أن يدمر شعب حضارته العريقة بيده.
تراجع الحملة المؤيدة لتغيير الاسم
وبعد أن تقدمت حملة معارضة تغيير اسم بابل خطوات كبيرة إلى الأمام، تراجع المطالبون بتغيير الاسم، مبررين ذلك بالقول على لسان عضو اللجنة التحضيرية لمهرجان الإمام الحسن في بابل بـ”أن المهرجان يهدف بالدرجة الأولى إلى إحياء ذكرى ولادة الإمام الحسن عليه السلام وتسليط الضوء على كرم أهالي مدينة بابل باستقبالهم للملايين من زوار مرقد الإمام الحسين عليه السلام سنويا”. حسب ما جاء في تصريح خصّ به الموقع الرسمي لمرقدي الإمام الحسين بن علي والعباس بن علي رضي الله عنهما.
نشأة بابل وسقوطها على يد الفرس
كانت حضارة بابل (باب-ايل) من أبرز حضارات بين النهرين، بل العالم بأسره، حيث تأسست بابل الأولى من قبل الأموريين (1894- 1830 ق.م) بزعامة “سومو- آبوم”، وبلغت هذه الحضارة ذروتها في عصر الإمبراطورية الحديثة وهي امبراطورية اسسها نبوبولاصر الكلدي سنة 627 ق م، واستمر حكمها حتى سنة 539 ق م، في فترة نبوخذ نصر لتسقط بابل إثر هجوم الملك الأخميني الفارسي قورش، حيث ضم بابل إلى حكمه، وبقيت لفترة 12 قرناً تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية، إلى أن شملها الفتح العربي الإسلامي ليصبح العراق مركز الخلافة العباسية التي حكمت العالم الإسلامي من الصين إلى حدود الأندلس.