أكد خبراء أمنيون أن الهجمات الإرهابية على مركبات للجيش بمحافظة الشرقية ومدينة الشروق أمس الثلاثاء، تمثل تغيراً نوعياً في تكتيكات التنظيمات الإرهابية، وتكشف عن تحرك خلايا نائمة كان قد تم تسريبها للبلاد قبل اندلاع ثورة 30 يونيو التي أدت إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وكانت عربة جيش على طريق القصاصين – الصالحية بمحافظة الشرقية الواقعة شرق العاصمة المصرية القاهرة، قد تعرضت الثلاثاء لهجوم مسلح بإطلاق نار كثيف من أربعة مهاجمين كانوا يستقلون سيارة، ولاذوا بالفرار.. فيما أسفر هجومهم عن مقتل ضابط ومساعد وإصابة أربعة جنود آخرين حالاتهم غير مستقرة، كما هاجم مسلحون بعد ذلك بقليل سيارة جيش أخرى بمدينة الشروق التي تحد القاهرة من ناحية الشرق، ما أسفر عن مقتل مجند، وإصابة ضابط كبير برتبة عقيد بجروح خطيرة .
خلايا نائمة وبدائل إطالة الصراع
ورجح الخبير الأمني خالد عكاشه لـ”العربية نت” أنه تم تسريب مجموعات من الجماعات الإرهابية إلى داخل القاهرة وذلك قبل يوم 30 يونيو لمواجهة هذا اليوم، وتم الاحتفاظ بهم كخلايا نائمة، وهم من قاموا بالتفجيرات الأخيرة.. واستدل على ذلك بأن عمليات الشرقية ومدينة الشروق الإرهابية أمس، هي الأولى من نوعها، التي تتم على طرق مفتوحة، وهذا أكبر دليل على أن هذه الجماعات تم إدخالها للقاهرة قبل شهور من ذلك الوقت.
ووصف عكاشة ما حدث الثلاثاء بأنه عمليتي كر وفر، وتغيير تكتيكات من “الجماعات الإرهابية”، بعد تلقيها ضربات موجعة من القوات المسلحة في سيناء، والقبض على العديد من كوادرها، ما أدى إلى نقص عددي بالكوادر الإرهابية، وتراجع تجهيزاتها وإمكاناتها، وبالتالي لجأت الكوادر الأخرى – التي لم يتم القبض عليها – إلى “بدائل”، بهدف إطالة أمد الصراع لأكبر فترة ممكنة بينها وبين الجيش والشرطة.
عمليات الخطف والعبوات الناسفة
وأوضح عكاشة أن من هذه البدائل تكتيك عمليات الخطف بدلا من المواجهة المسلحة، واستشهد عكاشة في هذا السياق، بتغير أسلوب التنظيمات الإرهابية بسيناء من الهجوم المسلح إلى التلغيم وزرع عبوات ناسفة، مشيراً إلى عملية تلغيم كمين الريسة في العريش وإصابة ثمانية جنود جراء حدوث انفجار، وقبله بـ 48ساعة، وجود قنابل بكمين الخروبة بالشيخ زويد.. ولفت إلى تغير أسلوب التنظيمات الإرهابية في سيناء.
وأنهى الخبير الأمني خالد عكاشة تصريحاته بأنه لا يمكن في الوقت الحالي توقع المدى الزمني الذي يمكن أن تتوقف خلاله العمليات الإرهابية.. إذ لابد من تجفيف المنابع ثم تتبعها حالة من الاستقرار حتى نتمكن من الحكم على المشهد بأكمله، خاصة وأن مثل هذه الجماعات تتكيف مع الأوضاع وتستأنف عملها بين حين وآخر، لذلك فنحن بحاجة إلى خطة طويلة النفس كما فعلت أميركا مع طالبان بأفغانستان حيث استمرت خمس سنوات لتتمكن من إزاحتهم وإبعادهم إلى الجبال.
تسللوا عبر الأنفاق والحدود الغربية
ومن جانبه، نفى اللواء طلعت مسلم الخبير العسكري لـ”العربية نت” أن تكون العمليات الإرهابية الأخيرة والتي حدثت في محافظتي القاهرة والشرقية انتقلت من سيناء إلى القاهرة، معللاً ذلك بأن البؤر الإرهابية موجود ة في جميع محافظات مصر، لكنها كانت ساكنة، وتحركت عندما سقط “الإخوان” وتركوا الحكم، وهذا ما اعترفت به قياداتهم.
وأرجع مسلم ظهور الإرهاب في الوقت الحالي داخل القاهرة وبعض المحافظات الأخرى، إلى محاولة لإثبات الوجود، ليؤكدوا أنهم لا يزالون في أرض المعركة، خاصة بعد أن حققت القوات المسلحة نجاحات متعددة داخل أراضي سيناء.
ووصف مسلم ما حدث الثلاثاء من عمليات إرهابية بأنه مؤامرة “قذرة” تنفذها عناصر إرهابية، تستهدف جر البلاد لحرب داخلية، أملا منهم في أن تتحول مصر لنفس سيناريو سوريا، ولكن هذا لن يحدث.. وأوضح أنه يصعب تحديد وقت أو مدى للقضاء على البؤر الإرهابية، مرجعا ذلك بأن عدد الإرهابيين المتواجدين على الساحة كثير منهم تسللوا للبلاد عبر الأنفاق وعبر الحدود الغربية.
جهاديون من جنسيات مختلفة
وتجدر الإشارة إلى أن العقيد أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، كان قد أعلن في مؤتمر صحافي مساء الأحد أن قوات الجيش ألقت القبض على 309 من الجهاديين بسيناء, بينهم فلسطينيون وجنسيات اخرى، منذ بداية العملية الأمنية في يوليو/تموز الماضي وحتى الآن، وأشار إلى ضبط 36 قطعة من الأسلحة الثقيلة، منها “هاونات” وصواريخ مضادة للطائرات، وكمية من الأسلحة الخفيفة، ومدفع ورشاشات وقواذف “آر بى جى” وعدد كبير من الأسلحة الخفيفة والبنادق مختلفة الأنواع.