لأن انشقاقات “الدواعش” زادت في الأيام الأخيرة عن التنظيم الذي لم يعد في مسلخه أي جديد يلفت الاهتمام والنظر ويغري المنحرفين، لذلك قام منذ يومين بما اعتبره معظم المحللين “ضربة موجعة للدولة الإسلامية”، لظنهم أن معاديا للتنظيم سرّب أسماء وعناوين 22 ألفا من مجنديه، بينما العكس هو الصحيح على الأرجح، أي لأنها كانت ضربة معلم “داعشية” بامتياز، قام بها التنظيم بتسريب متعمد، جعل الراغبين بالانشقاق والعودة إلى بلدانهم صعبة وشبه مستحيلة بعد وضع دولهم لأسمائهم على حدودها برسم الاعتقال بعد الكشف عنها.
كتبوا في وسائل إعلام عدة عمن تم نشر أسمائهم، كما الغسيل على حبال الإنترنت في اليومين الماضيين، بأنهم ينتمون إلى 51 دولة، ممن أنشأ “داعش” مراكز للموارد البشرية، أجرت معهم مقابلات حين التحاقهم بصفوفه كمجندين، وأخذت عنهم معلوماتهم الخاصة، ثم تم اختيار المقبولين منهم، بين أن يكونوا انتحاريين أو جنودا، أو في مهام أخرى، وهذا حدث قبل عامين على الأقل، لأن الوثائق ممهورة باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” وهو اسم تغير في 2014 وأصبح “الدولة الإسلامية” بعد إعلان “خلافة” أبو بكر البغدادي.
ولا أحد يعلم بالدليل الدامغ من قام بتسريب الوثائق، ونسبة 70% مما تحتويه هي لعرب، والباقي لأجانب معظمهم أوروبيون، إلا أن BBC ذكرت من دون دليل في ما قرأته “العربية.نت” بموقعها، أن من سرّبها كان عضوا في “الجيش السوري الحر” التحق بالتنظيم “الداعشي” قبل أن ينشق ويفر ويحملها معه، مرفقة بقوله إن التنظيم أصبح تحت سيطرة جنود سابقين في نظام صدام البعثي، وإنه لا يلتزم بتعاليم الإسلام” وهو ما أعلنته أيضا شبكة “سكاي نيوز” التلفزيونية البريطانية، مع قولها إنها هي من تسلم الوثائق من المنشق.
قالت Sky news إنه سرقها من رئيس شرطة الأمن الداخلي في “داعش” وإن بعضها يكشف هويات عناصر لم يكونوا معروفين سابقا، وهم من أوروبا الغربية وأميركا وكندا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأوضحت أن مصدر الأسماء استمارات ملأها الراغبون في “التدعوش” والالتحاق بالتنظيم، وتشتمل على 23 خانة، بها اسم “المتدعوش” واسم عائلته واسمه الحركي واسم أمه وفصيلة دمه وتاريخ ميلاده وجنسيته وحالته الاجتماعية وعنوانه وهاتفه ومكان إقامته وعمله السابق ومهاراته وتحصيله الدراسي ومدى إلمامه بالشريعة.
تحليل منطقي بما قل ودل
وظهر أمس في “تويتر” من اسمه @EjmAlrai بالموقع، وهو ايليا ج مغناير Magnier Elijah الواصف نفسه في مواقع أخرى للتواصل بأنه خبير أمني، يغطي منذ 32 سنة أخبار الشرق الأوسط، مع خبرة معلوماتية خاصة عن لبنان وسوريا والعراق وليبيا والسودان وإيران، فأطلق تغريدات اطلعت عليها “العربية.نت” ووجدتها مثيرة للاهتمام، مع أنها مما قل ودل، ومحتواها بلا دليل أيضا، وفيها يطلق العنان لتحليلات تبدو منطقية بامتياز، بأن “داعش” هو من قام بالتسريب.
فيها يقول مغناير إن “داعش” استخدم الأسلوب نفسه الذي كان يستخدمه رئيس العراق الراحل في 2006 شنقا، صدام حسين، بكشف أسماء من يبتزهم، أو من يتلقون منه “مكافآت” مالية، ليستمروا إلى جانبه ولا ينشقون، وهكذا أصبح “دواعش” تم تسريب أسماءهم “بلا مخرج” ولا طريق أمامهم إلا البقاء، بل أصبحوا منذ الآن أشد شراسة في القتال، وأكثر استعدادا للموت بعمليات انتحارية.
وسخر في تغريدة ثانية، قال فيها إن “داعش” لم يعد في حاجة لدفع رواتب لمن تم تسريب أسمائهم “فلا مكان يذهبون إليه بعد الآن” وكأنه أراد أن يقول إن التنظيم سيبتزهم، وخاطب في تغريدة أخرى “متدعوشين” أجانب، قائلا لهم إن “داعش” هو المسرب على الأرجح لبياناتهم الشخصية، كتحريض منه عليه، وتحذير لمن يرغبون في “التدعوش” والسفر إلى دولة الابتزاز في سوريا والعراق