تكشف السعودية اليوم الاثنين تفاصيل “رؤية السعودية” حتى عام 2030 وهي الخطة التنموية الأكبر بتاريخ المملكة، والتي ينظر إليها أيضاً على أنها أكبر خطة تحول اقتصادي وطني قيد التنفيذ على مستوى العالم، متضمنة إطلاق أكبر صندوق استثمار بقيمة 2.7 تريليون دولار.
وتوصف الخطة وفقا لبعض من تفاصيلها التي كشفها الأمير محمد بن سلمان رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية في مقابلات صحافية بأنها “ستكون الخطة التنموية الأكثر جرأة والأكثر شمولا بتاريخ المملكة” بحسب وصف كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي السعودي د.سعيد الشيخ الذي يتوقع أن تحدد الخطة “نسبة مستهدفة للنمو أو معدلا محددا لنصيب الفرد من الناتج الإجمالي بالمستقبل”.
وتتضمن الرؤية التي يماط اللثام عنها اليوم، برامج اقتصادية واجتماعية لتجهيز المملكة، إلى زيادة مداخيلها من غير النفط، وتقليص اعتمادها عليه، عبر أكبر هيكلة لصندوق الاستثمارات العامة، وخصخصة أصول بقيمة 400 مليار دولار ستشكل أكبر فرصة للقطاع الخاص وتحديدا الشركات المؤهلة للاستفادة منها.
صندوق الـ2.7 تريليون دولار
ويقول د.سعيد الشيخ في مقابلة خاصة مع “العربية.نت” إن هذه الأصول ستكون مرتكزا في تحقيق مبلغ الـ 2.7 تريليون دولار مشيرا إلى وجود “45% من القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودية، مملوك لصندوق الاستثمارات العامة، كما أن الحكومة تملك حصصا مؤثرة في عدد من الشركات المدرجة أبرزها الكهرباء السعودية، والاتصالات والبنك الأهلي وبنك الرياض وبنك سامبا”.
ويتابع الشيخ قوله: “هناك جزء من هذا المبلغ (2.7 تريليون دولار) متوفر أساسا في صندوق الاستثمارات العامة” كما أن الدولة تملك أصولاً لم تحدد قيمتها بعد “مثل محطات تحلية المياه، وصوامع الغلال، وإذا خصصت الدولة المطارات، فسيكون الرقم كبيراً هذا بجانب ما ذكر عن تخصيص أجزاء من بعض القطاعات مثل القطاع الصحي، وطرح نسبة 5% من شركة أرامكو، إضافة إلى احتياطيات الدولة من النقد والتي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)”.
وتشمل رؤية السعودية، توفير مبلغ 30 مليار دولار بعد 4 سنوات إلى جانب رفع الإيرادات غير النفطية إلى 100 مليار دولار، وتغيير السياسات الاقتصادية لأكبر بلد نفطي في العالم، وهذا بحد ذاته سيحمل إشارات عالمية مهمة تترقبها المؤسسات المالية.
وستستخدم الخطة بحسب القائمين عليها، بمثابة “جسر لنقل التقنية” والاستفادة من الميزات التنافسية للاقتصاد السعودي، الذي يتميز بنشاط قوي في قطاعي التجزئة وتكنولوجيا المعلومات اللذين يحققان قفزات نمو قوية وقادران على توفير أكبر عدد من الوظائف الجديدة.
70% سعوديون شباب
وتستوعب الرؤية المرتقب إعلانها، الطابع الشبابي للمجتمع السعودي الذي يقل عمر 70% من أفراده عن 30 سنة، في حين ينظر إليها عالمياً على أنها أول خطة ستدخل الاقتصاد السعودي في “عصر اقتصاد السوق الحر” بعيدا عن أن تظل الدولة راعية لكل شيء.
وأبرز ما ينتظره السعوديون من الرؤية بحسب الشيخ هو “كيفية تأثيرها على مستوى معيشتهم والدخل المالي للفرد، لا سيما أنها تتضمن تفاصيل تحول الاقتصاد من الاعتماد على مورد النفط” والذي يشكل نحو 75% من مصادر دخل المملكة في الوقت الحالي.
وستمكن الرؤية في حال تنفيذها، السعودية من مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، ما ينتج عنه زيادة دخل الأسرة السعودية بنسبة 60% وتوفير نحو 6 ملايين فرصة وظيفية” بحسب تقديرات المستشارين الاقتصاديين في معهد ماكينزي.
3% معدل نمو السكان
ويقول الشيخ لـ”العربية.نت” إن “معدل النمو السكاني في المملكة يصل إلى ما بين 2.5% إلى 3% سنويا ولا بد أن يتجاوز النمو الاقتصادي، من أجل التمكن من تحسين مستوى دخل الفرد من إجمالي الناتج القومي”. لكن الشيخ استدرك قائلا: “سرد النسب يبدو سهلا، ومن الصعب جدا التحكم فيها فكلها أمور مترابطة ومتصلة وبكل تأكيد فإن الخطة الحالية هي الوحيدة من بين الخطط التي تبنتها المملكة في السابق، التي تشير بوضوح إلى معالجة شاملة”.
وقال: “لم يسبق قط أن تحدث أحد أو فكر في إمكانية طرح جزء من أسهم شركة أرامكو أو قطاع النفط عموما.. كانت هذه واحدة من المسلمات التي لا يمكن المساس بها واليوم نراها انطلاقة مختلفة” مشيراً إلى أن “الخطط السابقة وتجارب المملكة السابقة كان الأمر فيها يأخذ المنحى التدريجي، وفي معالجة بعض القضايا كان الأمر يستغرق وقتاً لتنفيذ الخطط”.
وأضاف الشيخ أن “خطط التنمية السابقة كانت طموحاتها كبيرة بلا شك إلا أن نسبة معينة ولا بأس بها من أهدافها قد تحققت، وربما خلق عدم تنفيذ بعضها مشكلات جديدة”.
وذكر الشيخ أن “الخطط السابقة، لم تحقق التنوع الاقتصادي المطلوب، ولم تنجح بتنويع مصادر دخل المملكة، وأيضا تنويع إيرادات الدولة والدخل الحكومي لم يتنوع بالمستوى المطلوب، وظل يعتمد بشكل كبير على مداخيل النفط وقضايا أخرى مثل قضية توطين الوظائف، ورفع معدلات النمو الاقتصادي”.
وتكتسب الرؤية طابعا تنفيذيا ملحا، من حيث مواجهتها لأهم تحدٍ يواجه العالم، يتمثل في انهيار أسعار النفط بنسبة 60% في غضون سنة ونصف، في حين أنها ستركز على معالجة مشاكل هيكلية وتقليدية في اقتصاد المملكة، أبرزها معدل البطالة بموجب نظرة شمولية ستركز على تحفيز القطاع الخاص على إيجاد القيمة المضافة والوظائف.