أكد الدكتور السيد السيد الحسيني، رئيس الجمعية المصرية للجغرافيا وبالخرائط، تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وقال في حديث مع “العربية.نت” إن الخرائط التي تمتلكها الجمعية تشير جميعها إلى تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية، وتؤكد أنهما جزء من اليابس السعودي غمرته المياه، ولو جفت المياه لنحو 80 مترا سيظهر للجميع أنهما تتبعان الأراضي السعودية، مشيرا إلى أن جزيرة تيران تنمو حولها في الأطراف الشمالية والشمالية الشرقية الشعاب المرجانية، وخرائط الأقمار الصناعية الموجودة لدينا تؤكد اقترابها للساحل السعودي.
وأضاف: “لو انخفض سطح البحر سنجد أن تبعية الجزيرتين للسعودية واضحة وكاشفة”، موضحا أن هناك عددا من الجزر يحتشد عند مدخل خليج العقبة، خاصة على الجانب الشرقي منه، إضافة إلى تيران وصنافير مثل جزيرتي شوشة وبركان، وتتميز هذه المنطقة بالضحولة وتكدس الشعاب المرجانية، وتقع هذه الجزر جنوب الساحل السعودي الذي يمتد في هذا القطاع من الغرب إلى الشرق وإلى الجنوب منه.
وأضاف أن جزيرة تيران تحتل مدخل خليج العقبة وتبلغ مساحتها 80 كيلومترا، بينما تبلغ مساحة صنافير 33 كيلومترا، وتفصل مدخل الخليج إلى 3 ممرات بحرية تصل خليج العقبة بالبحر الأحمر: الممر الأول منه هو الغربي ويسمى مضيق تيران كما يسمى ممر انتربرايز وهو بين ساحل سيناء وجزيرة تيران ويصل عمقه إلى 290 مترا وطوله 11 كيلومترا، واتساعه نحو 4.8 كيلومتر، ويقدر اتساع المجرى الصالح للملاحة منه بنحو 850 مترا بين الشعاب المرجانية شرقا وساحل سيناء غربا.
وذكر أن الممر الثاني وهو الأوسط يقع بين جزيرتي تيران وصنافير وعمقه نحو 73 مترا، بينما يسمى المضيق الثالث بمضيق صنافير، ويقع بين جزيرة صنافير واليابس السعودي، ولا يتجاوز عمقه 50 مترا والممران الأخيران غير صالحين للملاحة نتيجة ضحالتهما وكثرة الشعاب والجزر المرجانية.
وأشار العالم المصري إلى أن مضيق تيران تكوّن نتيجة انفصال كتلة الجزيرة العربية عن كتلة شبه جزيرة سيناء في أواخر عصر البلوسين وأوائل عصر البليستوسين، مضيفا أن الطبيعة الجغرافية للجزيرة تكشف أنها خالية تماما من السكان فيما عدا حامية صغيرة محددة العدد تابعة لقوات حفظ السلام، وتعاني المنطقة نقص الموارد المائية، وطول سواحلها 51 كيلومترا، وأقصى ارتفاع لها هو جبل تيران وطوله 525 مترا، ويتكون من صخور جرانيتية ورملية وجيرية قديمة العمر، والقسم الشمالي من الجزيرة عبارة عن 40% سهلي ولا يزيد ارتفاعه عن 50 مترا، والقسم الجنوبي وهو 60% جبلي تكثر فيه الحافات الانكسارية والأودية والتلال الصخرية، بينما الساحل الغربي المواجه لسيناء شبه مستقيم وطوله 6.5 كيلومتر، وارتفاعه نحو 40 مترا، ويبعد عن ساحل سيناء.
وقال إن الطبيعة الجغرافية لجزيرة صنافير تكشف أنها تقع من ناحية الشرق لتيران بنحو 2.5 كيلومتر وإلى الجنوب منها رأس قصبة التابعة للسعودية بنحو 11.3 كيلومتر، وهي أقل منسوبا من تيران، ولا يتجاوز أقصى ارتفاع فيه 100 متر، وتماثل تيران في التكوين الجغرافي والجيولوجي والصخري وتنشط بها العواصف الرملية.
وأضاف أن العلاقات السعودية المصرية التاريخية والوطيدة وراء عودة الجزيرتين لوطنهما الأصلي بطريقة حضارية وراقية، وأود أن أؤكد أنه لم يكن هناك نزاع بين السعودية ومصر في يوم من الأيام على جزيرتي تيران وصنافير، فالجزيرتان اعترفت مصر بملكية السعودية لهما، وأرسلت خطابا رسميا إلى الأمم المتحدة تؤكد ذلك.
وتابع أن الجزيرتين كانتا تابعتين للحجاز قديما، وحلت السعودية محل الحجاز بعد ضم الحجاز للدولة السعودية، ولم يكن هناك اهتمام لترسيم الحدود البحرية آنذاك، وكانوا قديماً يعتمدون في الحدود بين الدول على “التخوم” مثل وجود جبل أو نهر أو منطقة بين كل دولة وأخرى، ونشأت بعدها فكرة ترسيم الحدود، ثم حددت المياه الإقليمية لكل دولة من 3 أميال إلى 4 أميال إلى 6 أميال إلى أن وصلت إلى 12 ميلا، واتفقت مصر والسعودية على أن تكون المياه الإقليمية 12 ميلا، بمعنى أن يكون ملك مصر من خط الشاطئ لداخل البحر 12 ميلا، والخريطة المرئية الفضائية أوضحت وجود نمو كبير الشعاب المرجانية في الأطراف الشمالية والشمالية الشرقية من جزيرة تيران، واقترابها من الساحل السعودي، وعندما وضعت الحكومة المصرية مدفعية لم تضعها على تيران، لكن وضعتها فى “رأس نصراني” بشرم الشيخ.
وحول الأساس الذي استندت إليه مصر في ملكية السعودية للجزيرتين، كشف الدكتور الحسيني وجود عدة خرائط توضح ذلك، مؤكدا أنه تم تشكيل لجنة من أساتذة الجمعية وجميعهم من كبار علماء الجغرافيا، وبحثت اللجنة في عشرات الخرائط ولم تجد ما يؤكد تبعية الجزيرتين لمصر، فضلا عن اتفاقية 1906 التي وقعتها الدولة العثمانية، ليس فيها ما يشير لملكية مصر للجزيرتين.
وذكر أن عملية ترسيم الحدود بين البلدين تمت على 4 مراحل، الأولى تحديدها على الورق، والثاثية وضعها على الخريطة، والثالثة وضع العلامات والحواجز، والرابعة والأخيرة هي الاتفاقية وحمايتها على الأرض، وبدأت كل الخطوات منذ عشرات السنين، وتكللت عام 1990 حينما صدر القرار الجمهوري من الرئيس الأسبق حسني مبارك رقم 27 ببدء تحديد وترسيم الحدود بين البلدين.
وأفاد أن الحدود البرية واضحة وهي لصالح السعودية، ولكن المشكلة كانت في الحدود البحرية، غير أن دخول اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار حيز التنفيذ عام 1994 حسم الأمر وجعل الجزيرتين في المياه الإقليمية السعودية والمحكمة الدولية تستند في حكمها إلى تبعية أي منطقة أو أرض لدولة ما على الخرائط الصادرة من الجهات الرسمية، فنحن لدينا خرائط منذ الحملة الفرنسية وعهد محمد علي، لكن جميعها لا يمكن الاستناد إليها، لأنه لم يكن هناك ترسيم للحدود وقتها.
وحول الجسر المزمع إنشاؤه بين البلدين وهو جسر الملك سلمان، قال أستاذ الجغرافيا إنه سيكون نقلة تجارية وتنموية واقتصادية هائلة بين البلدين والشعبين، وهو أهم وأكبر بكثير من الجزيرتين، ولإنشاء الجسر كان لابد من إعلان الحدود وتعيينها حتى تعرف كل دولة حدودها ومناطق سيادتها، ولذلك تم الإعلان عن الاتفاقية قبل الإعلان رسميا عن إنشاء الجسر الذي سيتكلف مليارات الدولارات وسيربط الشرق بالغرب.
وأوضح أن المسار الأفضل والمتوقع للجسر يبدأ من رأس القصبة بمنطقة الشيخ حميد في السعودية مارا بجزيرة تيران وسيكون بريا خلال تلك الرحلة لأن المنطقة ضحلة، أما بعد تيران فلابد أن يكون هوائيا وبارتفاع يسمح بمرور السفن العملاقة حتى يصل إلى رأس نصراني قرب مطار شرم الشيخ.