أقدم عشرات المعتقلين السلفيين في سجون المغرب على إطلاق مبادرة جديدة سموها “المراجعة والمصالحة داخل السجون المغربية”، قوامها الإعلان عن “مراجعاتهم الفكرية، والتحاور مع الدولة بدون شروط مسبقة، مع الابتعاد عن التطرف والغلو وقبول كل التيارات داخل المجتمع المغربي”.
ويعتزم حوالي 400 معتقل إسلامي وضع مبادرتهم الرامية للمصالحة مع الدولة بين يدي وزيري الداخلية والعدل، وهي الخطوة التي أثنى عليها معتقلون سابقون وفعاليات حقوقية تدافع عن السجناء السلفيين، باعتبارها قد تشكل مدخلا لإحداث انفراج في ملف معتقلي السلفية “الجهادية”، لكن مع ضرورة توفر عدة شروط لإنضاج وإنجاح هذه المبادرة.
وكانت السلطات الأمنية بالمغرب قد اعتقلت مئات الأشخاص من ذوي التوجهات السلفية عقب الأحداث الإرهابية الدموية التي شهدتها الدار البيضاء في 16 مايو 2003، وهو الملف الذي عرف تجاذبات سياسية وحقوقية كثيرة، من أبرزها إطلاق الملك محمد السادس قبل أشهر قليلة عفوا خاصا شمل عددا من “شيوخ” التيار السلفي الذين كانوا معتقلين في سجون البلاد.
تجربة المعتقلات والمراجعة الفكرية
وترتكز مبادرة السلفيين المعتقلين، على مد يد المصالحة اتجاه الدولة والمجتمع، يعترفون من خلالها بضرورة الانفتاح على المجتمع، ويقرون بصلاحية النظام الملكي للبلاد، وبالإسلام على الطريقة المغربية التي تعتمد المذهب المالكي مذهبا رسميا.
واعتبر حسن الخطاب، المتهم بتزعم خلية أنصار المهدي والمحكوم عليه بـ30 سنة سجنا نافذا، وأحد الواقفين وراء هذه المبادرة التي تهدف إلى المراجعة والمصالحة في السجون المغربية، بأن عددا من المعتقلين الإسلاميين حاليا يُقرّون بوجود أخطاء في منظورهم للعديد من الأمور، خاصة فيما يتعلق بقراءة النصوص الدينية.
وعزا الخطاب مبادرة المراجعة والمصالحة داخل السجون المغربية إلى تجربة المعتقلات ورياح “الربيع” العربي التي جعلت عددا من المعتقلين الإسلاميين يراجعون أفكارهم السابقة التي كانت تتسم بأخطاء منهجية في فهم نصوص القرآن والسنة، وأحيانا بالاعتقاد في العنف وسيلة للتغيير.
وقال الشيخ أبو حفص رفيقي، معتقل إسلامي سابق، في تصريحات للعربية نت بأنه “لا علم له بتفاصيل المبادرة ولا بحيثياتها، ولكنه يشجع كل مبادرة من شأنها إنهاء هذا الملف، والدفع به نحو الحلحلة، وعودة المعتقلين لأسرهم وأهاليهم”.
واستطرد أبو حفص بأن “هذا الطرح في الحالة المغربية ليس بجديد، بل كثير من المعتقلين على ذمة هذا الملف يؤمنون بهذه الأفكار حتى قبل اعتقالهم، وإنما هي فرصة لهم لتوضيحها وإقناع الرأي العام بها”، مشددا على الدولة بأن “تتجاوب مع هذه المبادرات الرامية حتى تنهي هذا الملف المحتقن، وتساعد هؤلاء المعتقلين على الاندماج والعودة السريعة للحياة”.
مبادرة إيجابية ولكن
ومن جهته، يعلق عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، بأن هذه المبادرة الجديدة يمكن قراءتها على صعيد ثلاث مستويات رئيسية، المستوى الدولي حيث لا يبدو أن هناك انفراجا ولا تسامحا من طرف الدول التي تقود الحرب على ما يسمى الإرهاب، والمستوى الثاني محلي يتعلق بكون المغرب ما يزال يسير على خطى الدول الأخرى التي تخضع للإسقاطات الدولية فيما يخص معالجة ملف الإرهاب.
وتابع مهتاد، في تصريحات للعربية نت، بأن المستوى الثالث يرتبط بالمعتقلين السلفيين أنفسهم حيث إنهم لم يقوموا بعد بتطوير آليات التواصل كما ينبغي مع الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية الفاعلة في البلاد، وأيضا مع أصحاب القرار في هذه القضية، وخاصة الأجهزة الأمنية المعنية مباشرة بملفات محاربة الإرهاب.
واستطرد مهتاد بأن مثل هذه المبادرات في ظل وجود هذه المستويات الثلاثة تظل ناقصة، لكن هذا لا يعني أنه على المعتقلين الإسلاميين أن يظلوا مكتوفي الأيدي، بل إن مبادرتهم يجب أن تحظى بالدعم والمتابعة، كما أنها قد تثمر نتائج طيبة شرط أن يظل الحل مغربيا مغربيا دون إقحام الأجنبي في بلورة الحلول.
وأفاد الناشط الحقوقي بأنه تحدث مع عدد من أصحاب هذه المبادرة، وقال لهم إن المبادرة التي طرحوها تتلمس لأول مرة مكمن الخلل في ملفاتهم، وبأنه عليهم التوجه إلى الجهات الأمنية التي تتابع ملفاتهم مباشرة، فهي جهات تتعامل مع المعتقلين كأفراد ومجموعات صغيرة
وخلص مهتاد إلى أن “المغرب عوَّدنا على أن جميع الاعتقالات السياسية تجد حلها عندما تكون الصيغة المثلى للحوار على مستوى المغرب وليس خارجه، حيث يجب على المعتقلين الإسلاميين الذين لهم قابلية للاندماج وتعديل أفكارهم أيضا أن يتجردوا من التبعية للخارج”، مشيرا إلى أن “تحقق هذه الشروط قد تساهم في أن تسفر المبادرة مستقبلا عن نتائج محمودة”.
احسن قرار …..مراجعة الأفكار و مصالحة الدولة ….
لا نريد أفكار سلفية في المغرب ..المغرب دولة إسلامية معتدلة …… حبيت تكون سلفي كن لكن لا تنشر أفكارك السلفية في مجتمع بنيته متنوعة