تبث سكاي نيوز عربية تقريرا مطولا عن انضمام أسر لجبهات القتال ضد الحكومة السورية، وذلك يوم السبت الساعة 13 بتوقيت الإمارات، 9 بتوقيت غرينتش.
يلعب بطولة هذه القصة الواقعية في سوريا “الأخوة الأعداء”، وما المقدم حسام مكناس، ضابط مخابرات سوري منشق، الذي يقف على خط النار في إحدى الجبهات المفتوحة على قوات النظام السوري شمالي حلب، إلا واحدا من هؤلاء الأخوة، التي نزغت الحرب بينهم، وفرقتهم السبل.. وجمعتهم ساحات الموت.
حمل المقدم مكناس، وهو واحد من مئات من القادة الميدانيين، السلاح في وجه النظام بسوريا رغم أنه كان يشغل وظيفة حساسة جدا قبل بضع سنين في هذا النظام الذي يشهر في وجهه السلاح اليوم.
كان أبو وسام، نسبة إلى ابنه البكر، ضابطا في المخابرات الخارجية السورية، وعمل في عدة دول، آخرها كانت مصر، وقد ترأس هناك شركة تابعة للمخابرات السورية، حصلت على صفقة بناء في مطار القاهرة الدولي، ومن هناك كانت بداية نهاية عمله المخابراتي مع نظام دمشق.
يعيش أبو وسام اليوم متنقلا بين الجبهات والاجتماعات مع القادة العسكريين المناهضين للنظام السوري والتخطيط للعمليات المقبلة، لكن الماضي يظل يطارده، خاصة حينما يتحدث عن تكليف النظام له بتنفيذ عملية وصفها بـ”الإرهابية” في مطار القاهرة الدولي عام 2008، على أن تنسب لاحقا لتنظيم القاعدة.
تعود هذه الحكاية، حسبما جاء على لسان المقدم حسام، إلى آخر عملية طلب فيها منه تفجير مطار القاهرة، حيث يقول “حتى الآن يمكن للمصريين أن يتذكروا أنني كنت مسؤولا عن شركة مقاولات اسمها ’أليكس‘، كان مسموحا لي بالوصول إلى المحطة الثالثة في مطار القاهرة. كنت آنذاك صاحب الشركة ظاهريا. وقد كنت شريكا لشركة ’دافا‘ العالمية لأنني اتحدث اللغة التركية”.
وتابع قائلا “لما بلغنا تلك المرحلة أدركت أن العملية ستلحق ضررا بالمصلحة العامة، وسيذهب ضحيتها أبرياء، لأنها عملية إرهابية بحتة، تقوم على زرع متفجرات وأجهزة تنصت في مطار القاهرة الدولي، فرفضت العملية. طلبوا مني العودة إلى سورية بهدف إقناعي بضرورة تنفيذ العملية. لكنني رفضت، فأدخلوني السجن”.
لم تمر حادثة لي عصى الطاعة من قبل المقدم حسام دون عقاب حيث ذكر أنه قضى أكثر من 3 أعوام متنقلا بين سجن صيدنايا الشهير قرب دمشق، وسجون أخرى في حلب.
من ثم حصل أبو وسام على حريته بعد اندلاع المظاهرات السلمية في ربيع 2011، ثم سرعان ما انضم للمتظاهرين، قبل أن تتحول الشعارات السلمية إلى عمل مسلح.
وقد شارك في عدة عمليات في حلب وريفها ثم شكل كتيبة تحت قيادته، وأصيب في إحدى العمليات برصاصة في الحلق، أثرت على صوته.
لكن عنصر التشويق لا يغيب عن قصة أبو وسام، ففي الموقع الذي يسيطر عليه مقاتلو كتيبته كثير من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاماً، وتسود بينهم روح الإخاء.
أما الأمر الأكثر تميزا فهو وجود شقيقين في هذه الكتيبة، هما وسام مكناس ومحمد مكناس، ولدا المقدم حسام مكناس نفسه.
لقد غادر وسام مدرجات جامعة حلب، أما محمد فلم يكمل دراسته للحصول على شهادة الباكالوريا، وقررا خوض الامتحان هنا في مواجهة القوات الحكومية.
ورغم أن الأخوين يعتبران أنه لا شيء يعوض دفء المنزل ورفاهيته، لكن كرامة السوريين وحريتهم أقرب إلى قلبهما من الركون للراحة في بيتهما.
ولا يحمل وسام ومحمد ووالدهما وبقية أفراد القوة المتمركزة في هذا الموقع، السلاح وحدهم في وجه النظام.
وليسوا الوحيدين الذين يواجهون الخطر، هنا يوجد مقاتلون سوريون، عرب وأكراد، فوحدة الهدف تحرك الجميع هنا، وفي مواقع شتى، وهم جميعا يدركون أن الطريق إلى المبتغى صعب، ومليء بالمطبات.
يتعامل المقدم حسام مكناس ميدانيا مع من يصفهم بـ”الأعداء” بمحاولة منحهم مُهَلا عند تطويق أي مكان، حيث يقول “نطلب منهم أن يغادروه.. نقول لهم أنتم أهلنا وإخوتنا.. من ينشق منهم نسعى لتأمينه هو وزوجته وأبنائه لكي ننقله”.
وأضاف “نحن لا نقتلهم.. من يقتلونهم يوجدون في الخلف.. لو نظرت إلى غالبية المصابين من أفراد الجيش سترى أننا لم نرشقهم.. بل إن الإيرانيين وعناصر حزب الله التابع لحسن نصرالله الموجودين خلفهم هم من يطلقون النار عليهم”.
ويضيف المقدم حسام في هذا الإطار “لقد أسرت شخصيا أحد الإيرانيين حينما كنت ضابطا بلواء الفتح، وكانت بحوزته بندقية قناص، وهو حاليا بحوزة لواء الفتح”.
ويحمل حسام تمثلا مختلفا للموت حيث يعتبر أنه لا يبالي به ومستعد له مادام سوريون آخرون سينعمون بالحرية والكرامة، وهو ما يشاطره فيه ولداه وسام ومحمد، فكلاهما يقول إنه مستعد للموت وما خرج إلا وهو واضع ذلك في الحسبان.
ويعتبر المرابطون في جبهات القتال، أن ما يقومون به واجب ديني، وهذا ما تستشفه من أحاديثهم، وتشاهده وتلمسه في طقوسهم اليومية عن طريق ركعات قد تكون الأخيرة في حياتهم في ساحات الموت.