(CNN)– مرّ شهر الصوم على السوريين وسط ظروف اقتصادية صعبة، بسبب الحصار الذي عانى منه سكان بعض المناطق الساخنة، في حلب، وأحياء حمص القديمة، ومناطق في الريف الدمشقي، فضلا عن ارتفاع أسعار السلع بطريقة جنونية، والنقص الحاد في توفر بعض المنتجات، ما انعكس على المائدة الرمضانية السورية التي باتت فقيرة، بعدما اشتهرت سابقا بتنوع أصنافها الشهية.

وقال “أحمد.س” : “لم نشهد سابقا مثل هذا الارتفاع في الأسعار، بات الهم المعيشي اليوم أكثر صعوبةً من الوضع الأمني.. فاللحوم غير متوفرة، والتجار يرفضون بيعنا إلا كمياتٍ قليلة، لأن السعر يمكن أن يتغير بأي لحظة.”

أما “ع. أ”، الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة، فقال إنه تناول طبق الفول المعتاد كنوع من المقبلات الرئيسية، وجلس بانتظار الطبق الرئيسي، الذي لم يأت.. فعائلته ببساطة لم يكن لديها الإمكانية لتقديم مائدة رمضانية متنوعة كالمعتاد.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور عابد فضلية، إنّ “انخفاض قيمة الليرة السورية هو نتيجة حتمية للأزمة التي تعيشها البلاد، لتنعكس هذه الأزمة على مستوى معيشة المواطن، خصوصا خلال شهر رمضان، وقدرته على شراء الطعام.”syria refugee5

وأضاف فضلية، أن “هذه الحرب التي نشهدها تؤدي بشكل حتمي إلى ما وصلنا إليه اليوم، ولكن نعترض على قرارات حكومية لم تكن بمستوى الحدث، كتقصير البنك المركزي في التدخل بالوقت والحجم المناسبين لمنع تلاعب السوق السوداء، فيما يتعلق بسعر القطع الأجنبية.”

وأضح قائلا: “نحن نرضى كمحللين اقتصاديين، ومراقبين بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة، لكن هذا التذبذب بالسعر، أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بصورة غير موضوعية، وحينما يستقر سعر الصرف، ولو على مستوى عالي، يمكن أن نصل إلى معدلات حقيقة من أسعار البضائع، ليست بالضرورة منخفضة، لكنها لا تنطوي على هامش المخاطرة الذي يضيفه التجار في مثل هذه الحالات.”

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية، المتردية التي يعيشها السوريون، لم يتوقف المجتمع المدني عن إطلاق مبادرات تساهم في تقديم المعونة للمتضررين من جرّاء الأحداث، ومن أبرزها مؤخراً مبادرة بعنوان: “خسى الجوع”، التي أطلقتها مجموعة شباب “ساعد” التطوعيّة، في دمشق مطلع شهر رمضان، وامتدت إلى مدينتي اللاذقية وطرطوس، حيث عمل فريقها على تقديم وجبات طعام إلى المحتاجين وقت الإفطار، حتى تجاوز عدد وجبات الإفطار التي تقدم يوميا الــ8200 وجبة.

وشرح المنسق الإعلامي للمبادرة قاسم شاغوري آلية عملها، فقال إن “خسى الجوع، هي أول مبادرة مجتمعية تطوعيّة شبابية، بدأت من صفحة على موقع (فيسبوك)، أعلنّا فيها عن الفكرة، ووضعنا بعض الأرقام لاستقبال المتطوعين الراغبين بالعمل معنا، ولتلقي التبرعات العينية، وفاق ما حصلنا عليه من تبرعات حجم توقعاتنا.”

ويقوم شباب مبادرة “خسى الجوع” بالطبخ في ساحة الجامع الأموي بدمشق، في أحد المطاعم التي تبرع بها صاحبها، فضلا عن مطبخان آخران في دمشق يشهدان نشاط فريق المبادرة المؤلف من حوالي مائة شخص يعملون بمعدل عشر ساعات يومياً، لتقديم وجبات الإفطار.

وأكد شاغوري أن هذه المبادرة مجتمعية غير مسيّسة، ولا تتلقى الدعم من أي فصيل سياسي، أو تيار ديني، أو جهة حكومية، وتعلن عن مصادر دعمها، والتبرعات التي تتلقاها بشفافية عبر صفحتها على “فيسبوك”.

ويذكر أن هناك مبادرات أخرى عملت جاهدة لفك الحصار عن حلب، ومنها حملة إعلامية أطلقتها إذاعة محلية سورية تحت عنوان “حلب قصدنا وأنت السبيل”، ومبادرة بعنوان “طبق بيض” التي أطلقتها إحدى المؤسسات الخيرية في درعا، لجمع أطباق البيض وتوزيعها على العائلات الفقيرة.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليقان

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *