العملية التي قام بها فريق انتحاري من حركة طالبان واستهدفت مطعماً لبنانياً في السابعة والنصف مساء أمس الجمعة في كابول، أدت إلى مقتل ممثل صندوق النقد الدولي في أفغانستان، اللبناني وابل عبد الله، إلى جانب مالك المطعم الذي استهدفه الهجوم، وهو رجل الأعمال اللبناني كامل حمادة، صاحب “لا تافرنا دو ليبان” للمأكولات اللبنانية، الموصوف بأفخم مطاعم العاصمة الأفغانية.
مع الاثنين قتل أيضا بالعملية التي نفذها 3 انتحاريين، مدير المطعم وبريطاني وكنديين اثنين، إلى جانب 3 موظفين مدنيين من الأمم المتحدة، إضافة إلى 6 أجانب وأفغان، مع أقل من 7 جرحى تم نقلهم إلى معسكر دولي بضواحي كابول، وتابعت “العربية.نت” تفاصيل ما ورد بشأنهم في وكالات وصحف ومواقع أفغانية وأجنبية، إضافة لأرشيفها الخاص.
كانت عملية انتحارية جماعية أعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عنها، على لسان المتحدث باسمها قاري يوسف أحمدي، وبدأت بتفجير أحد الانتحاريين نفسه خارج المطعم الواقع في حي “وزير أكبر خان” الموصوف أيضا بأنه أرقى أحياء كابول، والمطوق بحراسة شديدة ليلا ونهارا، لأنه عنوان لمعظم السفارات الأجنبية، وفيه يقيم عدد كبير من أثرياء الأفغان.
دقيقة واحدة فقط مرت على الانتحاري الأول وتبعه انتحاريان باقتحام المطعم على من فيه، فقتلا برشاشيهما عددا ممن كانوا يتناولون العشاء قبل وصول الشرطة التي أغلقت الطريق الرئيسي المؤدية إلى المنطقة، وتبادلت معهما إطلاق النار طوال 20 دقيقة انتهت بمقتلهما في المكان، طبقا لما نقلت الوكالات عن صديق صديقي، المتحدث باسم وزارة الداخلية، كما وعن المتحدث باسم شرطة العاصمة الأفغانية، حشمت ستانكزاي.
صاحب المطعم يركض حاملا مسدسه
والوسيلة الإعلامية الوحيدة التي ذكرت تفاصيل لم ترد في غيرها، هي صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فقد ذكرت في موقعها الإلكتروني نقلا عن مصادر في الشرطة أن “صاحب المطعم ومديره كانا بين القتلى” وأوردت أن المطعم “تعرض لهجمة سابقة أصيب بها صاحبه كامل حمادة بجروح” فأحاطه مالكه بدءا من 2011 بحراسة مشددة، وبباب ثلاثي من الفولاذ عند مدخله لحماية رواده، فاكتسب طمأنينة السفارات بأن يتناول موظفوها طعامهم فيه.
ونقلت عن عامل أفغاني في المطعم أنه وبعض العاملين معه في المطبخ فروا عبر سطح المبنى واختبأوا خلفه بعد أن سمعوا انفجارا ضخما، تلاه إطلاق نار عند مدخل المطعم. وبعدها روى العامل نفسه أنه رأى كامل حمادة يركض داخل قاعة الطعام الرئيسية ومعه مسدس.
اتصالان في 2008 من “العربية.نت” مع صاحب المطعم
وقد اتصلت “العربية.نت” برقمي هاتفي جوال لديها بكامل حمادة، لكن أحدهما كان متوقفا والثاني يبث رسالة بأنه مشغول. وكنت أعرف صاحب مطعم Taverna Du Liban أو “حانة لبنان” عبر الهاتف فقط، لأني اتصلت به مرتين في 2008 للكتابة عن تأسيسه لمطعم من نوع فاخر جدا، وفي بلد خطير كأفغانستان، لكنه لم يرحب بالفكرة، ربما لرغبة منه في الابتعاد عن الأضواء في بلد يفرض عليه أن يكون حذرا، لذلك رفض حتى أن يرسل صورته لأحتفظ بها كأرشيف. أما مدير المطعم الذي ذكرت “واشنطن بوست” بأنه بين القتلى، فليس معروفا إذا كان لبنانيا.
وما لدى “العربية.نت” من معلومات عن كامل حمادة أنه في أواخر الأربعينات من عمره ومتخرج بالحقوق، وكان يقيم سابقا في أوكرانيا حيث افتتح مطعما لبنانيا، ثم غادرها إلى كابول التي كان يتردد للإقامة فيها أو بيروت حيث ترك زوجته وولديه بعيدا عن أخطار أفغانستان.
وحمادة هو من بلدة “بعقلين” البعيدة في قضاء الشوف 40 كيلومترا عن بيروت، وكان يحضر للاحتفال هذا العام بمرور 10 أعوام على افتتاحه للمطعم في 2004 قريبا من فندق “هيتال” الذي كان يملكه الرئيس الأفغاني الأسبق، برهان الدين رباني، القتيل في أواخر 2011 بهجوم انتحاري استهدف منزله في كابول.
كما علمت “العربية.نت” من الزميلة رولا الخطيب، وهي من “العربية” وزارت “تافرنا دو ليبان” في 2010 وتعرفت إلى صاحبه، أنه أخبرها بإقامته لفترة في العراق، وأن لديه ابنتين مع والدتهما اللبنانية في بيروت، وكان شديد الحذر الى درجة أن منزله كان والمطعم في مبنى واحد، “وحين دخلت رأيت بين 4 و5 حراس وأنا أعبر ممرا طويلا قادني الى مكتبه في المطعم” على حد ما ذكرت.
أما القتيل اللبناني الثاني، وابل عبد الله، فعمره 60 سنة، وكان ممثلا لصندوق النقد الدولي منذ 2008 في أفغانستان، واسمه الكامل هو خنجر وابل عبد الله، وهو من بلدة “الخيام” بقضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني، بحسب ما جمعت “العربية.نت” ما تيسر عنه من معلومات، ومنها أنه الابن البكر لحسين خنجر العبد الله، النائب في مجلس النواب اللبناني والوزير مرتين بالخمسينات، ثم السفير فوق العادة للبنان لدى تونس وإيران ومصر ونيجيريا، قبل وفاته في 2003 بباريس.