أعلنت هيئة الطيران المدني في باكستان، استئناف خطوط الملاحة من وإلى مطار جناح الدولي في مدينة كراتشي، بعد الهجوم الدامي الذي استهدف المطار مساء الأحد.
وأعلن قائد قوات الدرك في مدينة كراتشي، اللواء رضوان أختر، انتهاء عمليات التمشيط والبحث في المطار، حيث أسفرت عن مقتل عشرة مسلحين.
وأضاف رضوان في تصريح صحافي أن هنالك شكوكا بأن من بين المسلحين أجانب، مشيرا إلى أن الجهات المختصة سوف تقوم بفحص الحامض النووي للمهاجمين للتأكد من هوياتهم، كما أسفر الهجوم عن مقتل تسعة عشر موظفا، بينهم أحد عشر عنصرا من قوات حماية المطار والدرك والشرطة، إضافة إلى ستة وعشرين جريحا، كما خلف الهجوم بعض الأضرار المادية، وأشار رضوان إلى أن قوات الأمن نجحت في إفشال مخطط الإرهابيين، وصادرت كميات من المتفجرات والذخائر والمواد الغذائية بحوزتهم.
من جانبه، أكد المتحدث باسم الجيش الباكستاني، اللواء عاصم باجوا، أن المطار بات آمنا، نافيا تعرض أي من الطائرات أو المباني الحيوية فيه لأي أضرار، وأوضح باجوا أن أعمدة الدخان التي تصاعدت خلال الهجوم نجمت عن حريق شب في أحد المباني، وتم إخماده لاحقا.
تأهب أمني ومخاوف
وقد رفعت السلطات الباكستانية حالة التأهب الأمني في مختلف مطارات البلاد تحسبا لأي طارئ، وفتحت تحقيقا في الهجوم لمعرفة ملابساته، ووفق تقرير أولي فقد تسللت مجموعة من المهاجمين الذين يرتدي بعضهم زيا عسكريا من إحدى البوابات الخلفية لمدرج الشحن المحاذي لمطار جناح الدولي بعد قتل حراسها، فيما نجحت مجموعة أخرى في الدخول عبر إحداث فجوة في سياج حديدي.
وقد أذكى الهجوم على مطار كراتشي المخاوف من تحوله إلى عملية حصار وخطف رهائن طويلة على غرار هجمات سابقة استهدفت مقر قيادة الجيش وقواعد لسلاح الجو والبحرية، الأمر الذي حدا بالسلطات لإخلاء المطار من الموظفين غير الأساسيين وتعليق الملاحة.
انتقام لمقتل حكيم الله محسود
وفي غضون ذلك، أعلنت حركة طالبان باكستان مسؤوليتها عن الهجوم، واعتبرت أنه رد على مقتل زعيمهما السابق حكيم الله محسود الذي قتل في غارة أميركية من دون طيار. وأضاف المتحدث باسم الحركة، شاهد الله شاهد، أن الهجوم كذلك جاء لتذكير الحكومة بأن الحركة لاتزال قوية، وأنها تستطيع الرد على عمليات الجيش الباكستاني وضرباته الجوية التي قال إنها تستهدف المدنيين لم تتوقف على الرغم من عملية الحوار.
وقد نددت مختلف القوى السياسية بالهجوم، ودعا رئيس الوزراء، نواز شريف، لعقد اجتماع هذا الأسبوع للجنة الدفاع التابعة للحكومة، والتي تضم في عضويتها قائد الجيش ومدير الاستخبارات، وقد أكد وزير الإعلام الباكستاني، برويز رشيد، على عزم الحكومة وقدرتها على محاربة الإرهاب، ولم يستبعد رشيد تورط جهات خارجية في هجوم كراتشي، في حين انتقدت المعارضة ما وصفته عدم وضوح سياسة الحكومة الأمنية، وحمل زعيم حركة الإنصاف عمران خان الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد.
وبينما انتقد بعض وسطاء حركة طالبان باكستان تلكؤ الحكومة بالعودة للحوار، فقد جدد إبراهيم خان، عضو فريق وسطاء طالبان، الدعوة إلى وقف الأعمال المسلحة والعودة إلى طاولة الحوار، في حين اعتبر رستم شاه، أحد أعضاء فريق التفاوض الحكومي السابق، أنه سيكون من الصعب على الحكومة العودة للحوار في ظل هجمات طالبان.
مراقبون: طالبان استغلت الهدنة
وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض هجوم كراتشي فشلا وخرقا أمنيا، انتقد مراقبون أداء الحكومة وطالبوها بالحزم ضد حركة طالبان باكستان، والقضاء على معاقلها في الحزام القبلي.
واعتبر المحلل الأمني والعسكري المتقاعد، شاهد لطيف، أن حركة طالبان استغلت مهلة وقف إطلاق النار لترتيب صفوفها والإعداد لشن هجمات على غرار هجوم المطار، وطالب لطيف نواز شريف بجعل القضاء على الإرهاب أولى أولويات حكومته.
وفيما تزداد الضغوط على حكومة نواز شريف، يعتقد المحلل والكاتب وجاهت علي، أن الحكومة لن تعلن عن وفاة عملية الحوار، لكنها سترد على هجمات طالبان كما أعلنت، وأضاف علي أن البلاد ستشهد استمرار أعمال العنف والحملات الأمنية مع استمرار جهود الحوار مع الجماعات الراغبة في السلام والقتال ضد الجماعات الرافضة.
وكانت المحادثات بين الحكومة وحركة طالبان باكستان تعثرت بعد إنهاء الحركة وقف إطلاق النار في العاشر من أبريل الماضي، وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة ومواصلة الأعمال المسلحة، ولم تفلح جهود الوسطاء في استئناف الحوار في ظل الخلافات الدامية بين فصائل طالبان والأنباء عن وجود تباين في وجهات النظر بين الحكومة والجيش بشأن بعض شروط طالبان وملفات أخرى كقضية، قناة “جيو” الإخبارية، ومحاكمة الرئيس الأسبق برويز مشرف.