فرانس برس – يلزم المعتقلون الفلسطينيون الحذر من عناصر استخبارتية يطلقون عليهم اسم “عصافير” زرعتهم إسرائيل بينهم في سجونها للحصول على اعترافات منهم بعد فشل محققيها في هذه المهمة.
وروى الشاب عزام محمد أنه اعتقد عندما أقرّ بإحراق حافلة إسرائيلية عام 1999، بأنه اعترف “لمناضلين”. لكنه اكتشف لاحقاً أنهم كانوا “عصافير”.
وقال عزام (30 عاماً): “كان عمري حينها حوالي 18 عاماً واعتقلت من قبل جيش الاحتلال بتهمة إحراق حافلة إسرائيلية. وخضعت للتحقيق لدى المخابرات لكنني لم أعترف بشيء”.
وأضاف “بعد ثلاثة أيام من التحقيق تم نقلي إلى غرفة فيها معتقلون فلسطينيون منهم من أطلق لحيته ومنهم يؤدي الصلاة في مواعيدها”.
وتابع “بعد ساعات من دخولي الغرفة بدأ البعض بالحديث معي والتعرف إلي، منهم مَنْ أخبرني بأنه قام بإطلاق النار تجاه أهداف إسرائيلية، وآخر قال إن أخاه شهيد، لدرجة أنني اعتقدت أني في غرفة ثوار”. واقترح أحد النزلاء في الغرفة على عزام أن يطلب ما يشاء وسيتم جلبه له على الفور.
وأكمل “طلبت قطائف (نوعاً من الحلوى) وأحضروه لي في اليوم التالي وكانوا يعاملونني بمنتهى الإنسانية”.
وأكد عزام أنه “بعد هذه المعاملة وما سمعته عن بطولاتهم ضد الاحتلال لم يكن أمامي سوى أن أخبرهم بما فعلت، ورويت لهم كيف قمت أنا وصديقي بإحراق حافلة إسرائيلية”.
وبعد ذلك بثلاثة أيام، نقل عزام إلى محكمة إسرائيلية أصدرت عليه حكماً بالسجن لثلاث سنوات استناداً إلى اعترافه في غرفة “العصافير”.
أسرى يفلتون من “العصافير”
ويقع الكثير من الأسرى الفلسطينيين في قبضة “العصافير” على الرغم من انتشار القصة بينهم، وهناك من يفلت منهم بسبب معرفته السابقة عنهم.
ويروي موسى حسن (50 عاماً) من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، أنه دخل الغرفة عام 1998 في سجن رام الله ولكنه خرج منها دون الإدلاء بأي اعتراف.
وقال: “يأتي إليك بعضهم عند دخول الغرف ويقومون بتعريف أنفسهم كممثلين عن الفصائل. هناك من يقول إنه من فتح، وآخرون يقولون إنهم ينتمون إلى حماس”.
وبحسب حسن “جاءني أحدهم بعد نقلي إلى غرفتهم بعد 10 أيام من التحقيق لدى المخابرات الإسرائيلية، وعرّف عن نفسه بأنه مسؤول في القيادة العليا ويريد مني تقريراً عما فعلته لينقله إلى القيادة إلى الخارج كي يتم أخذ الحيطة والحذر”.
وأضاف “كنت على علم مُسبق بغرف العصافير أو كما تسمى “غرف العار”، وقلت له إنني لم أقم بشيء وتم اعتقالي بطريق الخطأ ولكن حكم عليّ بالسجن لعام واحد بناءً على اعتراف أحد أعضاء التنظيم”.
عرفات جرادات قتلته “العصافير”
واتهمت السلطة الفلسطينية مؤخراً إسرائيل باستخدام هؤلاء العصافير لقتل المعتقل الفلسطيني عرفات جرادات الذي توفي في شهر شباط/فبراير الماضي في قسم “العصافير” في سجن مجدو، كما أعلن وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين عيسى قراقع.
وتوفي جرادات في سجن مجدو الإسرائيلي من دون الإعلان حتى الآن عن السبب الرئيسي لوفاته، بينما اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بتعذيبه في السجن.
وقال المحامي جواد بولس، رئيس الوحدة القانونية في نادي الأسير، لوكالة فرانس برس إن “العصافير” في السجون الإسرائيلية موجودة في الغرف والأقسام ويتم زرعهم بين الأسرى.
وأشار بولس إلى أن إسرائيل “على الأغلب لا تقدم اعترافات المعتقلين لدى العصافير في المحكمة، وإنما يتم استخدام اعترافاتهم لمواجهتهم مرة أخرى عند التحقيق بما اعترفوا به، ومن ثم ينتزعون اعترافات رسمية”، وبحسبه فإن “إسرائيل تفننت في استخدام العصافير داخل سجونها، للحصول على اعترافات الأسرى”.
ومن جهته، أكد المحامي كميل صباغ الذي كان يتابع قضية جرادات في بيان رسمي صدر بعد وفاة جرادات “على ما يبدو تم نقل المعتقل جرادات من معتقل الجلمة، وهو مركز تحقيق مع المعتقلين الأمنيين، إلى القسم الخاص بالعصافير وقد توفي هناك”.
وقال صباغ في تقرير آخر حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه: “لا يتم الاعتراف رسمياً بوجود قسم العصافير، لكن غالبية الأسرى الفلسطينيين الذين مروا في مراحل التحقيق يعرفون ذلك جيداً”.