أحيط اللقاء بين زعيم تيار الوطني الحر العماد ميشال عون ومرشح التسوية لرئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية، الذي استمر نحو ساعة من الزمن، بالكثير من السرية، ولم ترشح عنه أية معلومات حول المواضيع التي تم البحث فيها بين القطبين، حتى بين أوساط مقربة من الرابية، مقر العماد عون ومكان الاجتماع الثنائي الذي عقد بمشاركة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
اللقاء الذي كان مقرراً أن يعقد بين الرجلين الثلاثاء، تم تأجيله إلى الأربعاء بعد أن خضع للدراسة والنقاش داخل تكتل الإصلاح والتغيير في اجتماعه الأسبوعي وخلص حسب مقربين من التكتل وعون إلى تليين موقف “الجنرال” الذي كان رافضاً للاجتماع مع فرنجية، وبالتالي الاتفاق على عقد اللقاء لمعرفة مسوغات فرنجية التي دفعته للسير في التسوية التي طرحها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.
وكان اللقاء الذي حصل بين القطبين المحسوبين على قوى الثامن من آذار ومرشحين أساسيين لمنصب رئيس الجمهورية – وعلى الرغم من الأجواء السلبية الأولى التي أشيعت عن اللقاء – إيجابياً وواعداً، حسب مصادر قيادية في التيار الوطني الحر.
أجواء إيجابية
وأكدت مصادر التيار في حديث مع “العربية.نت” أن أجواء اللقاء كانت أيجابية بين الرجلين، والنقاش كان جدياً، ووضع أسساً جدية وعميقة للتنسيق في المرحلة المقبلة.
وقالت هذه المصادر إن “الجنرال” متمسك بالثوابت والمطالب التي أعلنها ويطالب بها، خاصة فيما يتعلق بالشروط التي سبق لـ”العربية.نت” أن أشارت إليها قبل أيام حول “سلة” المطالب العونية كمقدمة للموافقة على ترشيح فرنجية والسير بالتسوية.
وأعادت هذه المصادر التأكيد على أن “الجنرال” كرر موقفه المطالب بتحقيق شروطه للسير بالتسوية أمام ضيفه فرنجية، وهي تتخلص بالتالي:
– قانون انتخابي جديد يقوم على مبدأ النسبية.
– التعيينات الأمنية بالدرجة الأولى، وقد تشمل استدعاء الجنرال شامل روكز من التقاعد وتعيينه قائداً للجيش.
– التعيينات الإدارية في مؤسسات الدولية، خاصة في موظفي الدرجة الأولى، في ظل وجود أكثر من 80 موقعاً شاغراً يتم بالتعامل معها بالتمديد.
– حصول التيار على تعهد بتولي وزارة الطاقة والنفط خصوصاً، إضافة إلى وزارات أخرى قد تكون الداخلية والاتصالات من بينها.
ورأت هذه الأوساط أن “الجنرال” عون أبدى استعداده لتأييد فرنجية في السباق الرئاسي مقابل الحصول على هذه الشروط، التي وصفتها هذه الأوساط بأنها “تعادل رئاسة الجمهورية ولا تساوي الملبغ المالي الكبير الذي عرضه أحد رجال الأعمال على عون مقابل تأييد فرنجية في الرئاسة”.
وأضافت هذه الأوساط أن الأجواء التي “حكمت” اللقاء بين الرجلين، أي سليمان وعون، تم الاتفاق فيها على تعزيز التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة التي جمعت بين قوى فريق الثامن من آذار، وتحديداً بين الأقطاب المسيحيين في هذا الفريق، وبالتالي فإن الاتفاق بين الرجلين يساهم في تعزيز صفوف القوى المسيحية ويقطع الطريق على مصادرة قرارها.
مرحلة “تجميد”
وتعتقد هذه الأوساط أن امتناع الفريقين عن “التصريح” بعد اللقاء يدفع إلى الميل إلى أن الإيجابية التي سيطرت على اللقاء دفعت الطرفين لعدم تعكير الأجواء من أجل استكمال العمل على تقريب وجهات النظر والتوصل إلى أكبر مساحة من الاتفاق على النقاط الخلافية وتعزيز النقاط المشتركة.
وبحسب الأوساط، فإن “تضييق مساحة الاختلاف بين عون وفرنجية”، وتأمين الشروط التي يطالب بها عون مقابل السير بالتسوية، ستساعد في “تسهيل” عملية الاتفاق مع حزب الله حليف لعون وفرنجية ويخفف من حدة مخاوفه من التسوية التي تعامل معها الحزب بكثير من الصمت والتكتم وعدم التعليق عليها سلباً أو إيجاباً، واضعاً موافقة عون عليها شرطاً للخوض في النقاش حولها.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من لقاء عون – فرنجية، إلا أن الأجواء السياسية في لبنان تكشف عن دخول التسوية في حالة من “التجميد” وهو ما يتفق عليه جميع الأطراف المعنيين بها أو العاملين على إنجازها.
وتؤكد قوى مواكبة للتسوية من داخل تيار المستقبل أن “التجميد” لا يعني “موت” المبادرة، بل إنها بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لاستكمال إنضاجها وتذليل العقبات الداخلية بين أقطاب كل فريق على حدة، إضافة إلى ضمانات تطالب بها قوى سياسية مقابل الموافقة على التسوية. خاصة داخل الفريق المسيحي، وتحديداً حزب القوات اللبنانية الذي يرفض رئيسه سمير جعجع حتى الآن التعليق على التسوية ونتائجها، ويعكف على دراسة أبعادها وتداعياتها على المعادلات السياسية على المستويين المسيحي واللبناني.