ليلة أمس الثلاثاء، شنت عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب البريطاني، برفقة آخرين من الشرطة، غارة تفتيش مفاجئة على “مسجد النور” في لندن، بحثا عن شريك محتمل لآخر اعتقلوه الاثنين الماضي بتهمة إقدامه قبل أسبوع على قتل معارض سوري وإمام سابق من 2005 إلى 2011 للمسجد الواقع في غرب العاصمة البريطانية.
العملية التي نشرت تفاصيلها وسائل إعلام محلية، ومنها “التايمز” البريطانية، هي الأولى منذ 12 سنة على مسجد في لندن، وجاءت بعد يوم من اعتقال رجل الأعمال الجامايكي، ليزلي كوبر، وهو مدير مصنع ألبسة وعمره 36 سنة، بتهمة قتله الناشط السوري الشيخ عبد الهادي عرواني، الثلاثاء قبل الماضي، فمثل أمس أمام “محكمة كامبرويل” الجنائية، ووجهت له رسميا تهمة القتل، ثم خرج الى المعتقل ثانية بعد تأكيده اسمه وعنوان سكنه.
في معلومات أولية من ملف التحقيق، أن أحد الأبناء الستة للعرواني، واسمه مرهف، شاهد القاتل حين ذهب مع أبيه قبل يوم من الجريمة إلى مكان طلب الجامايكي أن يلتقيه فيه ليتفق معه على إصلاحات زعم أنه يريد أن يجريها له العرواني في بيته، في حين أنه كان راغبا بقتله، ولأنه رآه برفقة ابنه، لذلك طلب تأجيل العملية، وطلب من العرواني بعد أن تذرع بأنه نسي مفتاح البيت، أن يلتقيه في اليوم التالي للغرض نفسه.
وحضر العرواني وحيدا إلى منطقة ويمبلي في لندن، حيث اتفقا على اللقاء، وحين أوقف سيارته “الفولكسفاغن باسات” اقترب منه الجامايكي من جهة نافذة السيارة وأطلق عليه 5 رصاصات من مسدس كاتم للصوت، نفذت في رأسه وصدره فأرداه للحال، وهذه معلومات أكدها المدعي العام روب ديفيس، في بيان منه تضمن أمس ما يؤكد أن القتل لم يكن لسبب سياسي، بل للتخلص من العرواني لخلاف حول ملكية “مسجد النور” الذي ترك الشيخ عبد الهادي إمامة الصلاة فيه وامتهن إصلاح الشقق والبيوت.
العرواني: من سوريا إلى الكويت والإمارات إلى بريطانيا
ومما يتداولونه في لندن، وفي أوساط السوريين بشكل خاص، حتى وعائلة القتيل نفسه، أن دوافع الجريمة مالية بالأساس، وأن شخصا آخر قد يكون له دور فيها وعمره 61 سنة، لذلك استهدفته غارة التفتيش ليلة أمس على “مركز النور الثقافي الإسلامي” الذي نرى مدخله في الصورة التي تنشرها “العربية.نت” نقلا عن “التايمز” وقد وقف رجال الشرطة عنده، وهو ثاني مسجد يتم تفتيشه بعد قيام الشرطة في 2003 بمداهمة مسجد “فينسبوري بارك” الذي كان يديره أبو حمزة المصري السجين حاليا بالولايات المتحدة.
وكانت تكهنات سرت حول علاقة النظام السوري بالجريمة، خاصة أن عرواني البالغ عمره 48 سنة، هو أحد الناجين في 1982 من مذبحة حماة، وكان معارضا شديدا لنظام الأسد، وشارك بتظاهرات السوريين أمام السفارة في لندن، وسافر إلى الشمال السوري أكثر من مرة للالتقاء بمقاتلين والتحدث إليهم حول مخاطر التشدد، بوصفه كان من المؤمنين بالثورة المسالمة على النظام الذي بسببه غادر سوريا وعاش فترة في الإمارات والكويت ليهاجر بعدهما إلى بريطانيا، حيث لقي حتفه.
وحتى اليوم، فإن العلاقة بين “مسجد النور” والجامايكي، قاتل العرواني، غير معروفة تماما، وغير المعروف أيضا سبب قيامه بالذات دفعه لقتله، وهو الذي اتضح من التحقيقات الأولية على الأقل بأنه ليس على معرفة شخصية به، ولا أحد من أبناء العرواني يعرفه أيضا، لكن الواضح مما ذكرته الصحف البريطانية أن للقتل علاقة بدعوى قضائية دخلت مرحلتها الأخيرة للحكم لصالح الشيخ العرواني بسبب الخلاف على ملكية المسجد.