قام بعض المواطنين، في محافظة اللاذقية الساحلية السورية، بإلقاء القبض على “قهوجي” يعمل في الحدائق العامة، يقدّم الأقراص المخدّرة بعد خلطها في أكواب الشاي والقهوة، ويقدّمها للزبائن، دون علمهم، أو يقدّمها لزبائن يتفق معهم سلفاً على الاتجار بالأقراص المخدرة عبر هذه الحيلة التي انطلت على الكثير من المواطنين.
وفي التفاصيل أن رجلا يدعى (م.ي) يمارس تجارة الأقراص المخدرة في الحدائق العامة، ما بين مدينة جبلة الساحلية، ومحافظة اللاذقية. ويقوم بعمله بحرية دون أي عوائق تذكر، حتى إنه يضع الحبوب المخدّرة في جيوبه، دون أن يعمد إلى إخفائها بطريقة تضلل رجال الأمن أو سواهم.
إلا أن روّاد إحدى الحدائق العامة اشتبهوا به، بعد تغيّر طعم الشاي والقهوة، دون أن يتعرفوا إلى السبب، خصوصا بعدما لاحظوا وجود تحركات غريبة لبعض الزبائن، يأتون ويذهبون، خفية، ويتبادلون في ما بينهم أكياسا مغلقة.
وعرف في هذا السياق أنه كان يمارس تجارة الأقراص المخدرة، والتي تنتشر بكثافة في مناطق ما يعرف بجيش الدفاع الوطني التابع للأسد مباشرة، من خلال بيعها مذوّبةً في كأس شاي أو فنجان قهوة.
ومن خلال إعادة “الفكّة” للزبون، يتم دس عدة أقراص مخدرة ما بين الفكّة، لتسهيل بيعها دون لفت الأنظار.
والأمر الذي لفت أنظار بعض روّاد الحديقة التي كان يمارس فيها الرجل عمله، هو أن زبائنه يأتون يوميا، ولمدد طويلة، مستهلكين فيها عدداً كبيراً من أكواب الشاي أو القهوة، الأمر الذي كان بداية كشف طرف الخيط في عملية الاتجار هذه.
ويقال في المنطقة، إن عداوة كار، هي التي تسببت بالقبض عليه، حيث كان “زملاؤه” في مهنة المشاريب الساخنة، يشعرون إزاءه بنوع من “الحسد” لأنه كان يمتلك عددا كبيرا من الزبائن المياومين من مستهلكي الشاي والقهوة.. والأقراص المخدّرة.
وبعدما قام المواطنون بإخبار قوات الشرطة المدنية بما يعرفونه عن الرجل، تم القبض عليه، ولدى تفتيشه الظاهري اكتشفت كمية كبيرة من الحبوب المخدرة في جيوبه، الأمر الذي أثار استغراب قوى الأمن والمواطنين، لمدى استهتار هذا “القهوجي غير الشرعي” وممارسته لعمله الجرمي علناً وأمام أنظار الناس.
التشهير بالقتلى والاحترام للمجرمين!
النقطة التي لفتت أنظار المتابعين، هو أن رجال أمن النظام السوري، يعمدون في كل مرة يلقون فيها القبض على مجرم، إلى إخفاء اسمه وإخفاء وجهه. علما أن إعلام النظام السوري لم يكن يتورع أن يظهر وجه أي جثة واسم صاحبها. بل كان ينشر صور جثث دون معرفته لأسماء أصحابها، فقط لكي يستفيد من وجود “وشم الصليب” على الجثة، كي يستخدم الصورة للتشهير بالمعارضة السورية وإظهارها بمظهر العداء للأقليات وللمسيحيين.
الأمر مختلف مع المجرمين اختلافاً كلياً. فعندما تم القبض على مهربي سلاح في منطقة “بيت ياشوط” التابعة لمدينة جبلة، تم تصوير المهرّبين من الخلف دون إظهار وجوههم، ودون ذكر أسمائهم، ما يثبت أن المتورطين على صلة بأجهزة أمنية بالدولة التي تدعي مكافحة الإرهاب ثم تحمي المتورطين ببيع السلاح.
ومنذ عدة أسابيع ادعى النظام أنه ألقى القبض على داعشي، لا يصلي ولا يصوم ولا يقرأ القرآن، وأن “أبو عمر الشيشاني” – المتوفي منذ أكثر من سنة – هو قائد العمليات الخاصة به. وتم تصوير “الداعشي” المزعوم على التلفزيون الرسمي ووكالة الأنباء الرسمية.
أمّا مع تاجر الأقراص المخدّرة، فإن “حقوق الإنسان” هبطت فجأة على قلب النظام السوري، وأصبح حريصاً على “حقوق المتهمين” فيخفي وجوههم ويخفي أسماءهم، لتتم لفلفة القضية، في ما بعد، كما تمت لفلفة كل القضايا الأخرى.
أهلاً وسهلاً بكم في اللاذقية!
من هنا، يجمع كل المهتمين على أن حوادث القبض “المعزولة” على بعض مجرمي المخدرات وتجار السلاح، لم تكن أكثر من ذر الرماد في العيون، بعدما “فاحت” رائحة هذه التجارة في مناطق نفوذ ما يعرف بجيش الدفاع الوطني التابع لنظام الأسد.
وتشير بعض الأخبار الواردة من المنطقة إلى أن حوادث القبض على بعض المجرمين، وبخاصة منهم الذين يتاجرون بالسلاح والمخدرات، لا تتم إلا بسبب “غياب تنسيق مفترض” أو أن “الضحية” التي تم سوقها للاعتقال كانت “قد شبّت عن الطوق” وقررت ممارسة التجارة لحسابها الخاص، دون الرجوع إلى رأس المافيا في القرداحة، فيتم إما تصفيتها، كما يحصل في حوادث القتل “الغامضة” التي تجري هنا وهناك في المنطقة، أو “ممارسة حقوق الإنسان عليها” عبر القبض عليها “بطريقة محترمة جدا” وإخفاء وجهها واسمها، ثم القول للمواطنين: اللاذقية ترحّب بكم!