على هامش أحداث العنف الجارية بمصر منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، صعدت إلى الصدارة خلال الأيام القليلة الأخيرة جماعة تسمي نفسها بـ”كتائب الفرقان”، كانت قد أعلنت عن عزمها استهداف السفن المارة بالمجرى الملاحي لقناة السويس، وقصفت بالفعل إحدى السفن العابرة، وهو ما أثار التساؤلات حول هوية هذه الجماعة ومن يقف وراءها، والمخاطر التي يمكن أن تطال الملاحة بالقناة، في ظل التزامات مصر الدولية بتأمين القناة.
فقد صرح مصدر عسكري مصري مطلع بأنه يجري تتبُع تنظيم “كتائب الفرقان” الإرهابي، المسؤول عن إصابة السفينة الصينية (كوسكو آسيا) بقذائف “آر بى جي” مطلع الأسبوع الماضي أثناء عبورها قناة السويس، وأنه تم تحديد هوية المهاجمين، وجاري العمل للقبض عليهم.
كانت “كتائب الفرقان” المجهولة قد أصدرت بياناً يوم الخميس الماضي 5 سبتمبر/أيلول، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قالت فيه: “سنعاود مهاجمة المجرى الملاحي للقناة، وتوجيه ضربات قاصمة للنظام وأعوانه ومؤسساته، والقادم أدهى وأمر، ولتكن كلمة الله هي العليا بصناديق الذخيرة، لا صناديق الانتخاب”.
من جانبه شدد الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، أن المجرى الملاحي آمن تماماً، نافياً تلقيه طلبات إلغاء حجوزات لعبور المجرى أو المطالبة بأي زيادة في أسعار التأمين على السفن.
إلى ذلك اعترفت هيئة قناة السويس بصحة مقطع فيديو جرى تداوله الخميس الماضي، يظهر فيه ملثمون يرددون “الله أكبر” ويطلقون قذيفة على سفينة أثناء عبورها المجرى.
أياد أميركية وتجفيف الموارد المالية
أكد الدكتورعبد الرحيم علي، الباحث والخبير بشؤون الحركات الإسلامية لـ”العربية.نت” أن مسمى “كتائب الفرقان” أوغيرها من الجماعات ليس مهماً، إذ أنها مجرد أياد أو أدوات أميركية وأوروبية يتم تحريكها في مصر والدول التي يُراد السيطرة عليها أو تنفيذ أجندة بها.
وأرجع عبد الرحيم تحركات هذه “الكتائب” وغيرها إلى “سيناريو أميركى” يأتي بعد سقوط الرئيس الإخواني محمد مرسي وتحالف الجيش مع الشعب.
وفسر الأمر بأنه يهدف إلى تجفيف “مصادرالدخل” أو الموارد المالية لمصر والتى تتمثل في ثلاثة موارد أولها: “السياحة” التي تتراجع بسبب أعمال العنف الجارية. وثانيها: “قناة السويس” وهنا يأتي دور هذه الكتائب التي أعلنت استهداف السفن المارة بالمجرى الملاحي للقناة، وهو دور يأتي ضمن مجهود أميركي مخصص للتشويش على سمعة قناة السويس بهدف إغلاقها، وبذلك تفقد مصر مورداً هاماً من مواردها المالية. وثالث الموارد للدخل المصري هو “تحويلات المصريين بالخارج” والتي تتأثر تباعاً بسبب العمليات الإرهابية التى تتم داخل البلاد.
واستطرد عبد الرحيم بأن السيناريو الأميركي يفترض “تركيع مصر” وإخضاعها للإملاءات الأميريكية على أثر فقدانها للكثير من مواردها المالية، وبالتالى تقبل التفاوض مع الفريق الثاني (الإخوان) الذي “أخرجناه من الباب ليعود إلينا مرة ثانية من الشباك”، كي يعود منضماً إليه بعض اليبراليين أمثال أحمد ماهر (حركة 6 أبريل) والدكتور عمرو حمزاوي وغيرهم من خلايا الإخوان النائمة. وبذلك تتشدق أميركا بالديمقراطية وتخفي ملامح مشروعها لمصر، وهو تمكين الإخوان مرة ثانية من البلاد ليواصلوا تنفيذ خطتهم الأميركية لتقسيم البلاد.
“أنصار بيت المقدس” و”أحفاد الرسول”
من جانبه، أكد اللواء أشرف أمين الخبير الأمني لـ”العربية نت” أن قناة السويس ومجراها الملاحي مؤمنة تماماً من الجيش، وهناك استنفار دائم في هذا الإطار، كما أن عمق القناة يتم تأمينه من جانب الجهات الشرطية، وتتم السيطرة على أي اعتداء على القناة قبل حدوثه.
وأشار إلى أنه سبق لأكثر من تنظيم إرهابي الإعلان عن استهداف المجرى الملاحي للقناة، حيث تتركز هذه التنظيمات الإرهابية بمنطقة شمال ووسط سيناء، وهي تعمل لحساب “التنظيم الدولي للإخوان” وتأتمر بأمره، وكثيراً ما سمعنا عن جماعات مثل “أنصار بيت المقدس”، و”أحفاد الرسول”، وأخيراً “كتائب الفرقان”، وهذه الفرق معظمها مخترق من الأمن، وغالباً يستطيع منع العمليات الإرهابية قبل خروجها إلى حيز التنفيذ، وهذه هي مهمة الشرطة “منع الجريمة قبل حدوثها”.
خطر الاحتلال الأجنبي للقناة
وحذر اللواء الدكتور إيهاب يوسف، الخبير بإدارة المخاطر الأمنية، من عدم التأمين الكافي للممر الملاحي بقناة السويس، وأوضح لـ”العربية.نت” أن مصر سبق لها التوقيع على اتفاقيات دولية تلزمها بتأمين السفن المارة بالمجرى الملاحي، ومن ثم فقد يترتب على الفشل في تأمين أي سفينة مارة بالقناة ووقوع خطر عليها أو تعطلها إمكانية وقوع مصر تحت طائلة “قرار دولي” بإسناد تأمين القناة لهيئة أجنبية.
وبهذه الحالة تصير منطقة القناة واقعة تحت “الاحتلال الأجنبي”، وهذا ما كان يسعى إليه الرئيس المعزول محمد مرسي عندما حاول تدويل “منطقة قناة السويس” وإخضاعها لسيطرته المباشرة بعيداً عن مؤسسات الدولة، بجعلها منطقة حرة تحت مسمى “مشروع تنمية إقليم القناة”.
ومن جانبه، أشار المهندس محمد عمارة، عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس ومدير إدرة التحركات بها (سابقا) لـ”العربية.نت” إلى أن جميع السفن التي تمر بالممر الملاحي بالقناة مسجلة لدى شركات تأمين عالمية ومؤمن عليها، وفي حالة حدوث أي ضرر لهذه السفن أو تعرضها لأذى فإنها تحصل على تعويض من الشركات المؤمنة عليها، كما أنه في حالات عديدة تحصل شركة قناة السويس نفسها على تعويض من هذه الشركات في حالة تعطل السفينة ووقوفها في الممر الملاحي وتسببها في تعطل الحركة بالقناة.