يبدو غريباً أن يطلق اسم “القراداحة” على مدينة شاركت في الثورة السورية منذ بداياتها، وما زالت تشارك، ولكن مدينة قطنا في ريف دمشق الغربي وبعد أن احتلها الشبيحة ورجال النظام السوري من أمن وجيش باتت تعرف بـ”القرداحة الثانية”.
وإن عرفنا أن قطنا تكررت في كتاب باتريك سيل “الأسد والصراع على الشرق الأوسط” كمدينة مهمة للسيطرة العسكرية، وأنها جاءت بعد دمشق بعدد مرات ذكرها في الكتاب ربما بات موضوع محاولة السيطرة عليها كلياً من قبل النظام واعتمادها كنقطة انطلاق لعمليات اجتياحه لمناطق الريف الغربي منطقياً.
ولعل اسم “القرداحة الثانية” ينطبق على المدينة إذا ما علمنا أن عدد القطع العسكرية المتواجدة في قطنا 6 قطع عسكرية، هي الفرقة العاشرة والحرس الجمهوري وحقل السواقة وحقل الرمي الكتيبة (68) واللواء (87)، بالإضافة لعدد من كتائب المدفعية والدبابات, عدا عن مفرزة للأمن العسكري والأمن السياسي.
وسياسياً يعدها النظام منذ 40 عاماً خط الدفاع الأول ضد إسرائيل.
وتحيط المدينة من جميع الجهات خمسة مساكن للضباط والأفراد وعناصر الأمن والشبيحة، وهذه المساكن محمية بشكل كامل من النظام.
وبحسب الناشط من قطنا “أبو محمد” فإن النظام لم يكتف بكل تلك التحصينات، إنما عمل على تأمين المنطقة قدر المستطاع لتأمين مرور آمن لشبيحته، حيث يذهب الشبيحة من قطنا لكافة المناطق بالريف الغربي والشرقي: عرطوز – جديدة عرطوز – خان الشيح – المعضمية – داريا – وأيضا إلى حرستا ودوما، وتقوم قوات الجيش من الفرقة العاشرة الموجودة في قطنا باقتحام معظم البلدات المجاورة.
زرع النظام أكثر من (30) حاجزا ثابتا، وحوالي (125) ساترا ترابيا قطعت أوصال المدينة، بحيث تصبح الحركة داخل المدينة في غاية الصعوبة، وكمدينة تنتمي للريف تعد قطنا المدينة التي زرع فيها العدد الأكبر من الحواجز.
33 جثة مفقودة
قبل أيام استلمت 19 عائلة من قطنا إشعاراً بموت أولادهم المعتقلين منذ فترة ليست قصيرة في الأمن العسكري، وقبل ما يقارب الشهر كانت 14 عائلة مختلفة استلمت نفس الإشعا
ر، ليصبح مجموع من قتلهم التعذيب في فرع الأمن العسكري في دمشق 33 شاباً أعمار معظمهم في حدود العشرين، ولتبقى جثث الـ 33 شاباً قيد الاعتقال.ويبدو أن قطنا موعودة دائماً بثلاث نكبات، الاعتقال ومن ثم الموت ثم فقد الجثث، ولا تزال المدينة تتحضر لاستقبال جثامين أولادها، في وقت أصبح دفن الميت رفاهية لا يطالها الشعب السوري.