يتجه أبوصالح يومياً مع طفليه إلى الغابة القريبة من بلدته دركوش في ريف إدلب لاقتطاع ما تيسّر له من الحطب بهدف استخدامها في التدفئة والطبخ، مع غياب مواد التدفئة الرئيسية (غاز – مازوت) في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار.

وفي ريف إدلب باتت أحراش بكاملها أثراً بعد عين، بعدما أتى عليها اقتطاع عشوائي من السكان الساعين لدرء البرد، وفي هذا الصدد يقول أبوصالح إنهم “مضطرون لقطع الأشجار بسبب البرد القاسي، حيث لا تتوافر الكهرباء والغاز والمازوت، لذلك نقطع الأشجار للطبخ والتدفئة”.

واتساقاً مع كلام أبوصالح تؤكد أم ياسين، وهي من سكان منطقة دركوش في ريف إدلب، أن قطع الأشجار “هو آخر وسيلة بقيت لدينا للتدفئة، ونقطع مسافات طويلة للحصول عليها، رغم مخاطر اشتعال الحطب على صحة أطفالنا”.sy
صورة مختلفة في مناطق النظام

أما في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام فتختلف الصورة كلياً، إذ لا يستطيع السكان هناك قطع الأشجار بسبب عقوبة السجن التي قد تطال من ينتهك حرمة الغابات، إلا أن الناشط أبوعمر قال لـ”العربية نت” إن قوات النظام تتكفل بهذه المهمة، فقطعت مساحات كبيرة من أراضي المواطنين الزراعية، وباعتها عبر سماسرة في الأسواق، “ويمكننا القول إن الأراضي الزراعية الواقعة على طريق اللاذقية – حلب وتحديداً بين منطقتي محمبل وأريحا تعرضت لحملة حرق وقطع للأشجار بحجة أنها توفر ملاذاً آمناً للإرهابيين، لكن في الحقيقة هناك ضباط من قوات النظام تعاقدوا مع سماسرة لقطع هذه الأشجار، ومن ثم بيعها للمواطنين في أسواق إدلب، وعائدات المبيعات تعود لجيوب هؤلاء الضباط، كذلك فعلوا في الأراضي الزراعية الواقعة على جانبي طريق أريحا – إدلب”.
مليون شجرة قُطعت في حلب

تحولت حدائق بأكملها وسط مدينة حلب إلى أراضٍ قاحلة بعدما قطعها الأهالي بقصد التدفئة، معظم هذه الحدائق في المناطق المحررة.

وحسب ناشطين في المدينة، فقد وصل سعر كيلو الحطب في الشتاء الماضي إلى 35 ليرة، وكان يُباع على شكل أطنان، كل طنٍّ يساوي 35 ألف ليرة سورية، رغم أن القانون السوري يمنع قطع الأشجار ويعاقب كل مَنْ يؤذي شجرة في سوريا بغرامة مالية وسجن، إلا أن غابات كاملة في سوريا تحوّلت إلى صحراء وبيعت كل شجرة مقابل 5 دولارات.

وبحسب تقديرات لناشطين في مجال البيئة، فقد تم قطع أكثر من مليون شجرة في حلب وحدها العام الماضي، لذلك نشأت منظمات سورية عدة تهتم بالجوانب البيئية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر، ومنها منظمة الهلال الأخضر.
لماذا الهلال الأخضر؟

يقول الصحافي أحمد العقدة، مؤسس “الهلال الأخضر”، لـ”العربية نت” إن الفكرة “جاءت نظراً للكمّ الكبير من الأشجار الذي نزفته سوريا عموماً وحلب خصوصاً خلال الشتاء الماضي، بعد الظروف القاسية التي مرّ بها الناس، وغياب الوقود والكهرباء بشكل نهائي، الأمر الذي اضطرهم إلى قطع كميات كبيرة من الأشجار، وبعضهم حوّل ذلك إلى مهنة وتجارة”.

ويضيف العقدة: “بدأنا في محاولة جلب دعم من الفصائل العسكرية المقاتلة على الأرض، وذلك بغية تحويل جزء بسيط من الأموال المخصصة لشراء السلاح إلى شراء شجيرات وزراعة الأشجار، بعد تأسيس فريق كبير من المتطوعين، لم تتجاوب الكتائب معنا، نظراً لتطورات ميدانية تتعلق بحروبها مع الفصائل الإسلامية، ما اضطرنا للبدء بمجهودات فردية، وجمعنا مبلغاً مشتركاً وقمنا بأول عمل وهو تشجير حديقة السكري بالتعاون مع (جمعية المغتربين – فسحة أمل)”.

كما نفذ الهلال الأخضر حسب العقدة، حملات تشجير بين الأبنية السكنية في حي مساكن هنانو، و”نطمح إلى إطلاق حملة وطنية كبيرة لتشجير المناطق المحررة في سوريا بعد حصولنا على دعم مناسب”.
أهالي ريف دمشق يبيعون مقتنيات المنازل

في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر بريف دمشق، حيث يقطن هذه المناطق أكثر من مليون شخص، بات همُّ الناس الشاغل هو الحصول على ثمن الطعام والحطب اللازم للتدفئة.

وفي هذا السياق، أكد الناشط محمد الجزائري لـ”العربية نت” أن عدداً كبيراً من الأهالي باعوا مقتنيات منازلهم للحصول على حطب التدفئة، “أرخص مدفئة للحطب يبلغ ثمنها 3000 ليرة، وكيلو الحطب ثمنه 60 حتى 90 ليرة، والناس التي لا تستطيع شراء مثل هذه المدافئ تذهب لجمع الحطب من الأراضي الزراعية، هناك سيدات يـذهبن برفقة أزواجهن لجمع الحطب، ويمكنك مشاهدة الأطفال يبحثون في أنقاض المباني المهدمة عن بقايا أثاث المنازل لاستخدامه في التدفئة”.

وحذر الجزائري من مغبة استمرار قطع الشجر العشوائي على سلامة البيئة في مناطق ريف دمشق، “حيث يضطر الناس في بعض الأحيان إلى قطع الأشجار المثمرة واستخدامها في التدفئة، فالمأساة هنا تتعلق بقطع الأشجار المثمرة نتيجة شدة البرد”.

ويضيف الجزائري الذي يعمل في مكتب الهيئة العامة للثورة السورية بريف دمشق أن حاجتهم للحطب في مكان عملهم تتجاوز 100 كيلومتر أسبوعياً، “لا يوجد لدينا استخدام كبير للحطب، ومع ذلك ندفع شهرياً حوالي 40 ألف ليرة ثمن الخشب، فما بالك بعوائل يتجاوز عدد أفرادها 6 أشخاص أو حتى بعائلتين أو ثلاثة يقطنون في البيت ذاته، مازلنا في بداية الشتاء، وإذا نظرت من أحد الأسطحة يمكنك مشاهدة الضباب دائماً من كثرة دخان الحطب، ما يؤثر على صحة الناس لاسيما الأطفال”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫3 تعليقات

  1. لك يخرب بيتك شو منافقين وخصزصاً العربية كل شغلة سيئة بالنظام
    بس وحياتكم شو ماتعملوا وشو ماتساوا النظام باقي باقي باقي وسينتقم من كل خائن ومن كل من دعم الأ ر ها ب ومولهم وخصوصاً من أل ك ل ب ( بني خيبر ) هدول حسابهم لحال……………

  2. بوكرا نسمع اتهام مشابه ان القوات الحكوميه تبيع الماء والهواء على الشعب
    ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

  3. لن تجمعنا أرض واحدة مع الأسديين بعد كل هذا…فإما أن يقتلونا و إما أن نقتلهم .
    فكُلما رأيتهم كيف يتصرفون… زاد احترامي لـ الكلاب

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *