مساء الأربعاء الماضي، بثت شبكة RAI التلفزيونية الإيطالية، مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد، ، استمرت 3 ساعات، وكانت بالإنجليزية مع ترجمة فورية إلى الإيطالية، وأعدها معه إعلامي يميل إلى السياسة الروسية وحلفائها، وهو Marco Clementi االروسي الأم، والحامل دكتوراه من جامعة ليننغراد الروسية بالتاريخ المعاصر، وفيها طرح 25 سؤالاً على الأسد، بينها واحد لم يكن موفقا بإجابته عليه، فقد وردت فيه كذبة مزدوجة، أو ربما تلفيق واضح الغايات.

https://www.youtube.com/watch?v=gpQhoQpAb_g

المقابلة ترجمتها وكالة “سانا” السورية للأنباء، وهي في موقعها اليوم الجمعة أيضا، ونجد فيها أن ماركو كليمنتي، طرح عليه رابع سؤال، بقوله: سيادة الرئيس. ثمة تكهنات في الغرب بأنكم كنتم من بين الجهات التي دعمت “داعش” في بداية الأزمة من أجل تقسيم المعارضة والثوار. ما ردكم على ذلك”؟ .

ورد الأسد: “في الواقع، وطبقا لما يقوله بعض المسؤولين الأميركيين بمن فيهم هيلاري كلينتون، فإن “القاعدة” تأسست من قبل الأميركيين (..) وقد قال الشيء نفسه العديد من المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة (..) فيما يتعلق بـ “داعش” فإنه تأسس في العراق عام 2006 وكان قائده الزرقاوي الذي قتلته القوات الأميركية حينذاك (..) وبالتالي فإنه تأسس تحت الإشراف الأميركي بالعراق. وقائد “داعش” اليوم الذي يسمونه أبوبكر البغدادي كان في السجون الأميركية ووضع في سجونهم في نيويورك ومن ثم أطلق سراحه..” على حد تعبيره.
لولا كلمة “نيويورك” لربما وجد حلا

الوجه الأول، غير الصحيح في الإجابة، هو ما ذكره عن قول هيلاري كلينتون، وأيضا “العديد من المسؤولين الآخرين في الولايات المتحدة” بحسب ترويجه، من أن “القاعدة” تأسست من قبل الأميركيين، فيما كان تصريحها الحقيقي هو أن الولايات المتحدة “ساهمت بخلق المشكلة التي تواجهها اليوم عبر دعم المقاتلين ضد السوفييت بأفغانستان، ثم تجاهل الوضع بذلك البلد بعد الانسحاب السوفييتي” في إشارة منها إلى الدعم الأميركي الذي تلقاه المقاومون لغزو الاتحاد السوفييتي في 1979 لأفغانستان.

أما الأهم غير الصحيح بالمرة في الإجابة، واعتبره كثيرون من المبحرين في مواقع التواصل كذبة أو تلفيقا مزدوجا، فهو قوله إن “الخليفة الداعشي” أبوبكر البغدادي “كان في السجون الأميركية ووضع في سجونهم في نيويورك”، بينما لا يعرف البغدادي أي سجن بأميركا، لأنه كان سجينا في العراق، لذلك أخفت الإجابة حقيقة كانت ضرورية ليعرف متابعو المقابلة، من أن البغدادي ليس “صناعة” أميركية.

والمعروف أن القوات الأميركية في العراق سجنت البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم البدري، لأشهر قليلة فقط، أمضاها في 2005 بسجن كان فيه معتقلون من “القاعدة” فتأثر عقائديا بمعاشرتهم، وتحول من سلفي إلى راديكالي، إلى أن أصبح “الداعشي الأول” متطرفا كما نعرفه منذ منتصف العام الماضي.

ويبدو أن الرئيس السوري قرأ “نيويورك” في ما نشرته مواقع إخبارية عربية من أن البغدادي قال لسجانيه مودعا حين أطلقوا سراحه في بغداد: “نلتقي في نيويورك” فحولها برده الرئاسي على السؤال الرابع إلى أن سجنه كان في نيويورك، للإيحاء بأنه “صناعة أميركية” فيما من لم تطأ قدما البغدادي أرضها بحياته، ولن يتمكن ولو بالأحلام، إلا إذا اعتقلوه ووضعوه في طائرة تحمله إليها مقيدا بالأصفاد.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *