أجرت “العربية.نت” اتصالات ليل أمس الاثنين، وطالعت الثلاثاء مواقع لوسائل إعلام أجنبية، وأيضا أنغولية على قلتها، للوقوف على حقيقة خبر انتشر منذ الجمعة الماضي، وملخصه بتصرف أن أنغولا “تحولت إلى أول بلد في العالم يمنع الإسلام وممارسة شعائره، كما أنها بدأت تهدم بعض المساجد” بل نقلوا عن رئيسها قوله: “حان الوقت لوضع حد للنفوذ الإسلامي في بلدنا”.
العبارة التي زعموا أن قائلها هو الدكتاتور والرئيس الأنغولي، جوزيه ادواردو دوس سانتوس، منشورة ضمن خبر عن “منع الإسلام في أنغولا” منتشر بالعربية ومعظم اللغات الحية بكثافة، ومنشور نفيه الثلاثاء بصحيفةInternational Business Times من سفارتها في واشنطن، إلى جانب نفي من لبنانيين مهاجرين في أنجولا، ومنهم فارس سبيتي، المعروف بلقب “أبو علي” وبأنه رئيس الجالية اللبنانية في البلاد المطلة على الأطلسي بالجنوب الإفريقي.
مسجد كبير.. قبل شهرين
قال أبو علي، المقيم في العاصمة لواندا منذ هاجر إليها حين كان عمره 40 عاما قبل 22 سنة، إن “هدم المساجد أو إقفالها من قبل السلطات غير صحيح على الإطلاق، وهو خبر قديم يتجدد دائما كشائعات لا أساس لها من الصحة” على حد تأكيده عبر الهاتف حين اتصلت به “العربية.نت” ليل الاثنين.
وذكر أن عدد المساجد في لواندا “هو بين 12 و15 مسجدا فقط، لكنه اعترف بوجود مصليات بالعشرات “ربما تم بناء بعضها من دون تصريح”. وقال إن عدد المسلمين 25 ألف نسمة تقريبا “نسبة قليلة جدا منهم عرب” والباقي مهاجرون من نيجيريا والسنغال والنيجر، اضافة لأنغوليين اعتنقوا الإسلام الذي لم تعرفه البلاد المنتمي نصف سكانها الى الكاثوليكية وربعهم الى البروتستانتينية سوى منذ سنوات قليلة فقط.
وأكد فارس سبيتي أن هناك مبالغات كثيرة عن الإسلام والمسلمين في أنجولا، ولمح إلى إمكانية وجود “من يرغب بالاستفادة بطريقة ما من نشر شائعات بأن الإسلام مهدد فيها”. كما نفى المتحدث باسم شرطة لواندا، أرستوفانيس دو سانتوس، تسلمها أي أمر بهدم أو إغلاق أي مسجد في العاصمة في معرض نفيه لصحة خبر استهداف الإسلام، طبقا لما نقل عنه موقع “صوت أميركا” في قسمه البرتغالي اليوم الثلاثاء.
الشيء نفسه ذكره أيضا صاحب مطعم “الدار” بلواندا، اللبناني علي ذيب، حين اتصلت به “العربية.نت” فنفى عبر الهاتف صحة الخبر، وقال: “بالعكس، فمنذ شهرين تم تدشين مسجد كبير في لواندا بعد بنائه من تبرعات المسلمين فيها، ونحن كلبنانيين تبرعنا أيضا” مضيفا عن اللبنانيين بأنهم يعملون في أوغندا بالتجارة العامة والمطاعم الموجود منها أكثر من 15 بلواندا وحدها، كما بتجارة الماس والبناء.
المعلومات متضاربة والحقائق ضائعة
مع ذلك، هناك تصريح قرأته “العربية.نت” في عدد صحيفة O Pais الأنغولية (البلد) الصادر الخميس الماضي، وهو لوزيرة الثقافة روزا كروز ايه سيلفا، ذكرت فيه أن “شرعنة الإسلام” لم تتم بعد من قبل وزارة العدل “لذلك فالمساجد سيتم إغلاقها حتى إشعار آخر” وربما تم تفسيره بأن أنغولا التي لا تعترف بالإسلام إلا كطائفة “أصبحت أول دولة تمنعه” وأن رئيسها تحول إلى ما يشبه “أبرهة” أنغولي راغب بتهديم المساجد، بينما لم تجد “العربية.نت” أي تصريح حديث له في صحف أوغندا عن الإسلام.
أما من خارج معلومات اللبنانيين، فهناك ما هو مختلف جدا عما ذكره رئيس جاليتهم عن الإسلام والمسلمين ومساجدهم، ومصدره “الجمعية الإسلامية في أنغولا” Comunidade Islâmica de Angola التي يرأسها الأنغولي دافيد ألبيرتو، فهو يقول بوجود 80 مسجدا في البلاد البالغ سكانها 18 مليون نسمة، ويؤكد وجود “أكثر من 500 ألف مسلم” بينما مصادر شبه رسمية تلمح بأنهم 90 ألفا.
أيضا نشرت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان” قبل 7 سنوات، تقريرا أشار إلى عمليات تضييق تعرض لها المسلمون في أنغولا، شملت “إغلاق الشرطة لأربعة مساجد” في أنغولا التي استقلت في 1975 عن البرتغال، ومجتمعها يعتبر الإسلام جديدا على بلاده التي عانت حربا أهلية امتدت 30 سنة ولم تتمكن من التقاط أنفاسها إلا ببداية تسعينات القرن الماضي تقريبا، لذلك فالحقائق ضائعة والمعلومات متضاربة.