أخلى الأمن اللبناني مقر وزارة البيئة من عشرات المحتجين الذي أصروا على الاعتصام داخل المقر لإجبار وزير البيئة محمد المشنوق على الاستقالة.
وكان الجيش اللبناني أرسل تعزيزات عسكرية إلى محيط المقر بعد عملية الاقتحام بينما توالت مطالب السياسيين من مختلف التيارات للمتظاهرين للعدول عن فكرة احتلال المقار الحكومية.
ومع تواتر الأنباء عن وجود عدة إصابات في صفوف المعتصمين تعهد وزير الداخلية نهاد المشنوق بعقاب كل من يثبت تعديه على المحتجين.
وكانت القوات الأمنية في لبنان قد بدأت بعملية اخلاء المعتصمين من مكتب وزير البيئة من قبل قوة مكافحة الشغب، فيما تحدث الخارجون عن تعرضهم للضرب.
جاء ذلك بعد انتهاء المهلة التي أعطتها حملة “طلعت ريحتكم” لوزير البيئة اللبناني محمد المشنوق لتقديم استقالته على خلفية أزمة النفايات، حيث اقتحم عدد من الشبان من الحملة ومعهم شبان من حملة “حلوا عنا” مكاتب وزارة البيئة في مباني العازارية في وسط بيروت، وحاصروا الوزير المشنوق في مكتبه رافضين الخروج قبل تقديم استقالته.
وكان المشنوق قد أعلن فور مطالبة حملة “طلعت ريحتكم” له بالاستقالة ليل السبت الفائت أنه لن يستقيل لأن في ذلك تهرباً من المسؤولية وأنه ليس المسؤول الوحيد عن أزمة النفايات، معتبراً إياها مسؤولية مشتركة، لكنه استقال بعد يومين من اللجنة الفنية المختصة دراسة أزمة النفايات، فعيّن رئيس الحكومة تمام سلام وزير الزراعة أكرم شهيّب بدلاً عن المشنوق لتولي أعمال اللجنة.
وبدأت محاصرة وزارة البيئة عند الساعة الواحدة توقيت بيروت، حيث دعا المعتصمون مناصريهم إلى الانضمام إليهم، وبدأ المعتصمون بالوصول إلى المبنى لكن القوى الأمنية منعتهم من الدخول فاعتصموا في الباحة الخارجية للمبنى، ومن ثم حاصرت القوى الأمنية المعتصمين الموجودين داخل مكاتب الوزارة ومنعتهم من الدخول والخروج.
وناشد عماد بزي، أحد الناشطين، القوى الأمنية السماح لهم بالخروج لإحضار المياه لأن المكان الذي يعتصمون فيه مكتظ بالناشطين، وحملّهم مسؤولية إصابة أي فرد منهم بأذى جراء العطش وضيق التنفس والحرارة المرتفعة، لكن القوى الأمنية أكدت للمعتصمين أنهم إن خرجوا لإحضار المياه لن يتمكنوا من العودة ثانياً. وجدد بزي تأكيده من مكان الاعتصام أنهم لن يغادروا المكان مهما حصل حتى تقديم الوزير محمد المشنوق استقالته.
وحاول المشنوق إقناع المعتصمين بانتداب ممثل عنهم والاجتماع به إلا أن منظمي حملة “طلعت ريحتكم” رفضوا الاقتراح مؤكدين أنه لن يحصل أي حوار قبل الاستقالة.
وحاول مجموعة من الشبان إدخال زجاجات المياه إلى المعتصمين من مداخل مجاورة لكن قوى مكافحة الشغب منعتهم من ذلك، فرد المعتصمون بالخارج أنهم سيضربون عن الطعام والشراب حتى السماح بإدخال المياه إلى المعتصمين في مكاتب الوزير.
وبعد دقائق، قامت القوى الأمنية بتوزيع المياه على المعتصمين داخل مكاتب وزارة البيئة، فيما حذر تحرك “29 آب” القوى الأمنية التعرض للمعتصمين داخل الوزارة ودعا إلى اعتصام فوري في ساحة الشهداء.
في هذه الأثناء أعطى وزير الداخلية نهاد المشنوق الأوامر للتفاوض مع المتظاهرين وأكد أنه مع التظاهر السلمي وليس مع احتلال المرافق العامة.
وبحسب مصادر في مكتب وزير الداخلية، فإن اتصالاً جرى بين الوزير نهاد المشنوق ورئيس الحكومة تمام سلام وتم الاتفاق على إعطاء المعتصمين مهلة نصف ساعة لمغادرة مكتب وزير البيئة والانضمام إلى رفاقهم بالخارج، وأشارت مصادر رئاسة الحكومة إلى أن الرئيس تمام سلام لن يقدّم هدية باستقالة الوزير المشنوق.
المعتصمون في الباحة الخارجية، ردوا في بيان لهم على كلام وزارة الداخلية بالتأكيد أنهم سيتحملون الجوع والعطش وسيستمرون حتى رحيل وزير البيئة محمد المشنوق، واعتبروا أن ما يحصل في الداخل هو حصار للشعب اللبناني، وليس احتلالاً كما تقول القوى الأمنية لأنهم معتصمون وليسوا محتلين .
وناشد أحد المعتصمين من داخل مكتب وزارة البيئة الصليبَ الأحمر اللبناني التواجد إلى جانب المعتصمين خوفاً من وقوع حالات طارئة في صفوف المعتصمين بعد أن أقفل موظفو وزارة البيئة المراحيض وأغلقوا منافذ التهوية.
أما في السراي الحكومي فإن الرئيس تمام سلام ينسّق مع الوزيرين نهاد المشنوق ومحمد المشنوق.
وتساءلت رئاسة الحكومة: هل أن مشكلة النفايات انحصرت بشخص الوزير محمد المشنوق؟ وهل أن استقالته تحلّ المشكلة؟ فاللبنانيون يعرفون أن أزمة النفايات هي نتيجة لتراكم أزمة سنوات طويلة وبالتالي من المفترض انتظار نتائج اللجنة التي يترأسها وزير الزراعة أكرم شهيّب.
وكان أكد رئيس الحكومة تمام سلام أنه لن يتصرّف تحت ضغط الشارع وأنه لا يستبعد عقد جلسة استثنائية طارئة على جدول أعمالها بند وحيد وهو ملف النفايات.
وزير الداخلية يتهم قوى خارجية
وفي وقت سابق، اتهم نهاد المشنوق، وزير الداخلية اللبناني والنائب عن تيار المستقبل، جهات خارجية ودولة قال إنها “عربية” اتهمها بالتحريض على دعم إثارة الفوضى في لبنان.
وقال إن وزارة الداخلية لن تتخلى عن الحق في مطالبة المتظاهرين بالتزام السلمية، كما أن الوزارة لن تسمح بأي اعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، مشيراً إلى أن بعض المندسين بين المتظاهرين السلميين يسعون إلى إشعال الوضع الأمني واختلاق المواجهات مع رجال الأمن.
وأضاف المشنوق أن مبادرة الرئيس نبيه بري هي إشارة على رغبات دولية في إجراء انتخابات رئاسية في لبنان، مشيراً إلى أنها مبادرة للملمة الأوضاع في لبنان وليس لتقديم حلول.