اصطدمت الجهود المبذولة لإتمام صفقة تبادل العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى جبهة النصرة مقابل إطلاق سراح عدد من الموقوفين بتهمة الإرهاب والانتماء إلى هذه الجبهة بلائحة من المطالب الجديدة تقدمت بها جبهة النصرة في اللحظات الأخيرة لإتمام الصفقة وبدء عملية التبادل المنتظرة.
رئيس الحكومة تمام سلام الذي يواكب عملية التبادل، سبق له أن قرر تأجيل سفره إلى فرنسا للمشاركة في قمة المناخ لحين انتهاء عملية التبادل، والتي كانت من المتوقع أن تنتهي الليلة، إلا أن قرار سلام إلغاء زيارته الى فرنسا يؤشر على وجود صعوبات في عملية التبادل تستوجب منه البقاء لمواكبتها عن كثب.
وكان جهاز الأمن العام اللبناني قد اتخذ إجراءات مشددة تحسبا لهذه اللحظة عندما طالب وسائل الإعلام عدم التطرق إلى موضوع صفقة التبادل أو الخوض في تفاصيلها حتى لا تؤثر على مسار المفاوضات.
المعلومات الأولية التي واكبت الإجراءات بين سجن رومية حيث يقبع الموقوفون، ومركز الأمن العام وصولا الى بلدتي اللبوة وعرسال، تحدثت عن تحركات غير عادية على خط عرسال، ورصد عدد من السيارات التابعة لجهاز الأمن العام وهي تدخل البلدة إلى جانب عدد من الشاحنات المحملة بمواد غذائية وأشياء طلبت جبهة النصرة توفيرها لمواجهة فصل الشتاء في المناطق الجردية حيث ينتشر عناصرها في محيط عرسال.
وتأكدت معلومات وصول قافلة شاحنات محملة بالمواد الغذائية والأدوية إلى ساحة اللبوة وقد تسلمها اللواء الثامن في الجيش تمهيداً للصعود لإرسالها إلى عرسال.
نشر التكهنات
السرية التامة والغموض الذي مارسه الأمن العام في التعامل مع عملية التبادل وعدم كشف اي تفاصيل تدور حولها، دفعت وسائل الإعلام العاملة في لبنان إلى بث الكثير من التكهنات حول التفاصيل والإجراءات التي يجري الإعداد لها تمهيدا لاتمام صفقة التبادل، وقد ذكرت معلومات صحفية أن الأمن العام اللبناني عمد إلى نقل نحو 9 موقوفين من سجن رومية باتجاه مركزه الرئيسي، وأن هؤلاء الموقوفين تم نقلهم باتجاه بلدة عرسال. ليتم مبادلتهم مع 15 عسكريا وعنصر واحد من الأمن العام، أي ما مجموعه 16 لبنانيا تحتجزهم جبهة النصرة في جرود البلدة منذ اغسطس 2014.
أهالي العسكريين، والتزاما بالتعميم الصادر عن الأمن العام، التزموا عدم التعليق على تطورات قضية التبادل، مكتفين بالانتظار متسمرين أمام شاشات التلفزيون التي نصبت في الخيم التي أقاموها منذ احتجاز أبنائهم في ساحة رياض الصلح وسط العاصمة بيروت قرب مبنى السراي الحكومي حيث مجلس الوزراء اللبناني.
إلا أن أخبار صفقة التبادل ساهمت في إعادة الحراك إلى مخيم أهالي العسكريين في ظل حالة الترقب التي تسيطر على تحركاتهم ووجهوهم خوفا من أن تفشل عملية التبادل في اللحظات الأخيرة، على غرار المرات السابقة.
شروط النصرة
وفي ظل المعلومات التي تحدثت عن استبعاد علي الحجيري المعروف باسم “الشيخ أبو طاقية” عن ملف صفقة التبادل كما يؤكد أهالي العسكريين في آخر اتصال هاتفي معه، تحدثت معلومات أخرى عن أن الصفقة تتضمن تأمين ممر آمن لزعيم النصرة في عرسال أبو مالك التلي الذي يحتجز العسكريين ومعه الحجيري باتجاه تركيا وعند وصولهما يعطيان الإشارة لإتمام صفقة التبادل، إلا أن عدم إتمام الصفقة يسقط هذه الفرضية، لتعود الأمور الى الدائرة الأولى خاصة معرفة الشروط والمطالب الجديدة التي وضعتها جبهة النصرة في اللحظات الأخيرة.
وكانت النصرة قد وضعت في السابق شروطا مقابل عملية التبادل، تضمنت إطلاق موقوفين في سجن رومية من الجماعات الإرهابية، إضافة الى إطلاق سراح بعض النساء من بينهن سجى الدليمي طليقة أبي بكر البغدادي وجمانة حميد المتهمة بنقل سيارات مفخخة من عرسال الى خارجها. إضافة الى كل من سمر الهندي وليلى النجار وعلا العقيلي، وقد تم نقلهن جميعا من سجن رومية الى مبنى الأمن العام، الى جانب مطالبة النصرة بتوفير معابر آمنة باتجاه مناطق نفوذ النصرة داخل سوريا.
وكانت جبهة النصرة قد وضعت قبل نحو أسبوعين شرطا لإتمام عملية التبادل بأن تقوم الجهات المعنية، “أي السلطات السورية وحزب الله” بتسليمها قريني فليطا والمعرة في منطقة القلمون السورية مقابل إطلاق سراح العسكريين. إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض.